كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فَتَنْتَظِمُ حِينَئِذٍ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ وَيُؤَيِّدُهُ قوله فَأَفَاقَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَفَاقَ مِنَ الْغَشْيِ وَأَمَّا الْمَوْتُ فَيُقَالُ بُعِثَ مِنْهُ وَصَعْقَةُ الطُّورِ لَمْ تكن موتا وأما قوله فلا أدري أفاق قبلي فيحتمل أنه قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ إِنْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ على ظاهره وأن نبينا أول شخص من تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ عَلَى الْإِطْلَاقِ
قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنَ الزُّمْرَةِ الَّذِينَ هُمْ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُمُ الْأَرْضُ فَيَكُونُ مُوسَى مِنْ تِلْكَ الزُّمْرَةِ وَهِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ زمرة الأنبياء وصلوات الله وسلامه عليهم إنتهى
قلت ها هنا أَبْحَاثٌ وَأَنْظَارٌ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَمَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ مَقْصُورًا وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّ متى اسم أمه وهو مردود بحديث بن عباس عند البخاري ومسلم عن النبي قَالَ مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَنَسَبُهُ إِلَى أَبِيهِ فَقَوْلُهُ وَنَسَبُهُ إِلَى أَبِيهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَتَّى أَبُوهُ لَا أُمُّهُ فَقَدْ كَذَبَ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ مُتَسَاوُونَ فِي مَرْتَبَةِ النُّبُوَّةِ وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ بِاعْتِبَارِ الدَّرَجَاتِ فَلَفْظُ أَنَا وَاقِعٌ
موقع هو ويكون راجعا إلى النبي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسَ الْقَائِلِ فَحِينَئِذٍ كَذَبَ بِمَعْنَى كَفَرَ كَنَى بِهِ عَنِ الْكُفْرِ لِأَنَّ هَذَا الْكَذِبَ مُسَاوٍ لِلْكُفْرِ
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ الضَّمِيرُ فِي أَنَا قيل يعود إلى النبي وَقِيلَ يَعُودُ إِلَى الْقَائِلِ أَيْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْضُ الْجَاهِلِينَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عِبَادَةٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ
فَإِنَّهُ لَوْ بَلَغَ مِنَ الْفَضَائِلِ مَا بَلَغَ لم يبلغ درجة لنبوة وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الرِّوَايَةُ الَّتِي قَبْلَهُ وَهِيَ قوله لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى انْتَهَى
قُلْتُ ضَمِيرُ أنا إذا عاد إلى النبي فالظاهر أنه قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ الخلق وأما قول من قال إنه قَالَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا إِنْ كَانَ قَالَهُ بَعْدَ أَنْ أُعْلِمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ فَقَدْ كَذَبَ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ هَذِهِ
قِيلَ خَصَّ يُونُسَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُ بِأَوْصَافٍ تُوهِمُ انْحِطَاطَ رُتْبَتِهِ حَيْثُ قَالَ فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عليه إذ أبق إلى الفلك المشحون
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[3246] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ
قَوْلُهُ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْ فِي الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ بكسر

الصفحة 85