كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 9)

الْجُوعِ أَوْ لَفْظُ مِنَ الْجُوعِ صِفَةُ الدُّخَانِ أَيْ يَرَوْنَ مِثْلَ الدُّخَانِ الْكَائِنِ مِنَ الْجُوعِ يوم تأتي السماء بدخان مبين الْآيَةَ بِتَمَامِهَا مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا فَارْتَقِبْ أَيِ انْتَظِرْ يَا مُحَمَّدُ عَذَابَهُمْ فَحَذَفَ مَفْعُولَ فَارْتَقِبْ لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَقِيلَ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ مَفْعُولُ فَارْتَقِبْ يُقَالُ رَقَبْتُهُ فَارْتَقَبْتُهُ نَحْوَ نَظَرْتُهُ فَانْتَظَرْتُهُ يَوْمَ تأتي السماء بدخان مبين أي ظاهر يغشى الناس أي يحيطهم هذا عذاب أليم يَقُولُ اللَّهُ ذَلِكَ وَقِيلَ يَقُولُهُ النَّاسُ رَبَّنَا اكشف عنا العذاب قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ قَالُوا رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العذاب وَهُوَ الْقَحْطُ الَّذِي أَكَلُوا فِيهِ الْمِيتَاتِ وَالْجُلُودَ إنا مؤمنون أي مصدقون بنبيك أنى لهم الذكرى أَيْ كَيْفَ يَتَذَكَّرُونَ وَيَتَّعِظُونَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ وَقَدْ جاءهم رسول مبين مَعْنَاهُ وَقَدْ جَاءَهُمْ مَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَدْخَلُ فِي وُجُوبِ الطَّاعَةِ وَهُوَ مَا ظَهَرَ عَلَى يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ الظَّاهِرَاتِ ثُمَّ تَوَلَّوْا عنه أي أعرضوا وقالوا معلم أي يعلمه القرآن بشر مجنون إنا كاشفو العذاب أَيِ الْجُوعِ عَنْكُمْ قَلِيلًا أَيْ زَمَنًا قَلِيلًا فكشف عنهم إنكم عائدون أَيْ إِلَى كُفْرِكُمْ فَعَادُوا إِلَيْهِ يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الكبرى هُوَ يَوْمُ بَدْرٍ وَالْبَطْشُ الْأَخْذُ بِقُوَّةٍ إِنَّا منتقمون أَيْ مِنْهُمْ (فَهَلْ يُكْشَفُ عَذَابُ الْآخِرَةِ) وَفِي رواية مسلم فيكشف بِالْهَمْزَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الدُّخَانَ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَعْنِي الَّتِي فِيهَا قَالَ يَأْتِي النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دخان فيأخذ بأنفساهم حتى يأخذهم منه كهيئة الزكام فقال بن مَسْعُودٍ هَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قال إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَشْفَ الْعَذَابِ ثُمَّ عَوْدَهُمْ لَا يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الدُّنْيَا انتهى (قال) أي بن مَسْعُودٍ (مَضَى الْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَالدُّخَانُ وَقَالَ أَحَدُهُمُ الْقَمَرُ وَقَالَ الْآخَرُ الرُّومُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ خَمْسَةٌ قَدْ مَضَيْنَ الدُّخَانُ وَالْقَمَرُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا هَلَاكًا
قَالَ الْعَيْنِيُّ قَوْلُهُ خَمْسٌ) أَيْ خَمْسُ عَلَامَاتٍ قَدْ مَضَيْنَ أَيْ وَقَعْنَ
الْأُولَى الدُّخَانُ قَالَ تَعَالَى يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ
الثَّانِيَةُ الْقَمَرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانشق القمر
الثَّالِثَةُ الرُّومُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الم غلبت الروم
الرَّابِعَةُ الْبَطْشَةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ نبطش البطشة الكبرى وَهُوَ الْقَتْلُ الَّذِي وَقَعَ يَوْمَ بَدْرٍ
الْخَامِسَةُ اللزام

الصفحة 96