كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 9)

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا

[3575] (حَتَّى يَنَالَهُ) أَيْ إِلَى أَنْ يُدْرِكَ الْقَضَاءَ (ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ) أَيْ كَانَ عَدْلُهُ فِي حُكْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ ظُلْمِهِ كَمَا يُقَالُ غَلَبَ عَلَى فُلَانٍ الْكَرَمُ أَيْ هُوَ أَكْثَرُ خِصَالِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْأَجْرِ الَّذِي هُوَ الْجَنَّةُ أَنْ لَا يَحْصُلُ مِنَ الْقَاضِي جَوْرٌ أَصْلًا بَلِ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ جَوْرُهُ مَغْلُوبًا بِعَدْلِهِ فَلَا يَضُرُّ صُدُورُ الْجَوْرِ الْمَغْلُوبِ بِالْعَدْلِ إِنَّمَا الَّذِي يَضُرُّ وَيُوجِبُ النَّارَ أَنْ يَكُونَ الْجَوْرُ غَالِبًا للعدل
قاله القاضي الشوكاني
ونقل القارىء عن التوربتشي أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْغَلَبَةِ فِي كِلَا الصِّيغَتَيْنِ أن تمنعه إحداهما عن الأخرى فلا يجوز فِي حُكْمِهِ يَعْنِي فِي الْأَوَّلِ وَلَا يَعْدِلُ يعني في الثاني
قال القارىء وَلَهُ مَعْنًى ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ عَدْلِهِ وَجَوْرِهِ صَوَابُهُ وَخَطَؤُهُ فِي الْحُكْمِ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ فِي مَا لَا يَكُونُ فِيهِ نَصٌّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ كَمَا قَالُوهُ فِي حَقِّ الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَحِفْ عَمْدًا انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[3576] (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الكافرون إلى قوله الفاسقون) هَذِهِ الْآيَاتُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ (نَزَلَتْ فِي يَهُودَ خَاصَّةً) قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ يَعْنِي لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ بِالْجَوْرِ يَصِيرُ كَافِرًا انْتَهَى
قَالَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْخَازِنُ فِي تَفْسِيرِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ

الصفحة 355