كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 9)

70 سورة المعارج (16 24)
الخبر الذي هو قوله تعالَى {لظى} وهي علمٌ للنارِ منقولٌ منَ اللَّظى بمَعْنَى اللهبِ
{نَزَّاعَةً للشوى} نُصب على الاختصاصِ أو حالٌ مؤكدةٌ والشَّوى الأطرافُ أو جمعُ شواةٍ وهي جلدةُ الرأسِ وقُرِىءَ نزاعةٌ بالرفعِ على أنه خبرُ ثاني لأنَّ أو هُو الخبرُ ولَظَى بدلٌ منَ الضميرِ أو الضميرُ للقصةِ ولَظَى مبتدأ ونزاعة خبره
{تدعو} اي تجذب وتحضر وقل تدعُو وتقولُ لهم إليَّ إليَّ يا كافرُ يا منافقُ وقيل تدعُو المنافقينَ والكافرينَ بلسانٍ فصيحٍ ثم تلتقطُهُم التقاطَ الحبِّ وقيلَ تدعُو تُهلكُ وقيلَ تدعُو زبانيتَهَا {مَنْ أَدْبَرَ} أي عنِ الحقِّ {وتولى} أعرضَ عن الطاعةِ
{وَجَمَعَ فَأَوْعَى} أي جمعَ المالَ فجعلَهُ في وعاءٍ وكنزَهُ ولم يؤدِ زكاتَهُ وحقوقَهُ وتشاغلَ بهِ عن الدينِ وزَهَى باقتنائِهِ حرصاً وتأميلاً
{إِنَّ الإنسان خُلِقَ هَلُوعاً} الهَلَعَ سرعةُ الجزعِ عند مسِّ المكروهِ وسرعةُ المنعِ عند مسِّ الخيرِ وقد فسَّرهُ أحسنَ تفسيرٍ قولُهُ تعالَى
{إِذَا مَسَّهُ الشر} أي الفقرُ والمرضُ ونحوهُما {جَزُوعاً} أي مبالغاً في الجزعِ مُكثراً منْهُ
{وَإِذَا مَسَّهُ الخير} أي السَّعةُ والصحةُ {مَنُوعاً} مبالغاً في المنعِ والإمساكِ والأوصافُ الثلاثةُ أحوالٌ مقدرةٌ أو محققةٌ لأنها طبائعُ جُبلَ الإنسانُ علَيها وإذَا الأولى ظرفٌ لجزوعَا والثانيةُ لمنوعَا
{إِلاَّ المصلين} استثناءٌ للمتصفينَ بالنعوتِ الجليلةِ الآتيةِ من المطبوعينَ على القبائحِ الماضيةِ لأنباءِ نعوتِهِم عن الاستغراقِ في طاعةِ الحقِّ والإشفاقِ على الخلقِ والإيمانِ بالجزاءِ والخوفِ من العقوبةِ وكسرِ الشهوةِ وإيثارِ الآجلِ على العاجلِ على خلافِ القبائحِ المذكورةِ الناشئةِ من الانهماكِ في حب العاجل وقصرِ النظرِ عليهِ
{الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ} لا يشغَلهم عنها شاغلٌ
{والذين فِى أموالهم حَقٌّ مَّعْلُومٌ} أي نصيبٌ معينٌ يستوجبونه

الصفحة 32