كتاب تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (اسم الجزء: 9)

77 سورة المرسلات (39 48)
فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ
فإن جميعَ من كنتُم تقلدونهم وتقتدونَ بهم حاضرونَ وهذا تقريعٌ لهم على كيدِهم للمؤمنينَ في الدُّنيا وإظهارٌ لعجزِهم
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ
حيثُ ظهرَ أنْ لا حيلةَ لهم في الخلاصِ من العذابِ
إِنَّ المتقين
من الكفرِ والتكذيبِ
فِى ظلال وَعُيُونٍ
وفواكه مِمَّا يَشْتَهُونَ
أي مستقرونَ في فنونِ الترفِه وأنواعِ التنعمِ
كلوا واشربوا هنيئا بما كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
مقدرٌ بقولٍ هو حالٌ من ضميرِ المتقينَ في الخبر أي مقولاً لهم كلُوا واشربُوا هنيئاً بما كنتُم تعملونَهُ في الدنيا من الأعمال الصالحةِ
إِنَّا كَذَلِكَ
الجزاءِ العظيمِ
نَجْزِى المحسنين
أيْ في عقائدِهم وأعمالِهم لا جزاءً أَدْنَى منْهُ
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ
حيثُ نالَ أعداؤُهم هذا الثوابَ الجزيلَ وهُم بقُوا في العذاب المخلَّدِ الوبيلِ
كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ
مقدرٌ بقولٍ هو حالٌ من المكذبينَ أي الويلُ ثابتٌ لهم مقولاً لهم ذلكَ تذكيراً لهم بحالِهم في الدُّنيا وبما جنَوا على أنفسِهم من إيثارِ المتاعِ الفانِي عن قريبٍ على النعيمِ الخالدِ وعلل ذلك بإجرامِهم دلالةً على أنَّ كلَّ مجرمٍ مآلهُ هَذا وقيل هو كلامٌ مستأنفٌ خُوطبَ به المكذبونَ في الدُّنيا بعدَ بيان مآلِ حالهم وقررَ ذلكَ بقولِه تعالى
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ
لزيادة التوبيخِ والتقريعِ
وَإذَا قِيلَ لَهُمُ اركعوا
أي أطيعُوا الله واخشعُوا وتواضعُوا له بقبولِ وحيهِ واتباعِ دينهِ وارفضُوا هذا الاستكبارَ والنخوةَ
لاَ يَرْكَعُونَ
لا يخشعُون ولا يقبلُون ذلكَ ويصرونَ على ما هم

الصفحة 82