كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

فخرج يوسف واستخلف ابن عمه يوسف بن محمد، وحمل معه من الأموال والأمتعة والآنية ما لم يحمل مثله من العراق قط، فقدم على الوليد، وخالد بن عبد الله محبوس، فلقيه حسان النبطي ليلا فأخبره أن الوليد على تولية عبد الملك بن محمد بن الحجاج، وقال له إنه لا بدّ لك من إصلاح أمر وزرائه وأصحابه، فقال: ليس عندي فضل درهم. قال: فعندي خمسمائة ألف فإن شئت فهي لك، وإن شئت فارددها إذا تيسرت فقال: أنتَ أعرف بالقوم وأقدارهم ومنازلهم ففرقها عليهم، ففعل فكان جَميع من على باب الوليد يعظمه ويُجله، فقال له حسان: لا تَغْدُ على الوليد ولكن رح إليه، واكتب على لسان خليفتك كتابًا إليك: «إني كتبت كتابي هذا ولستُ أملك إلا القصر، وأمر أبان بن عبد الله النميري أن يتضمن خالدًا بأربعين ألف ألف، ثم زد عليه عشرة آلاف ألف، وتسأل أن يُدفع إليك» . ففعل يوسف ذلك فقال له الوليد: ارجع إلى عملك، ودفع إليه خالدًا فحمله في محمل بغير وطاء، فقال محمد بن القاسم: فرحمته وقد جمعت ألطافًا من أخبصة يابسة وغيرها في منديل، ثم دنوتُ منه فرميت بالمنديل إليه فقال لي:
هذا من متاع عُمان لأن أخي الفيض كان عامل عُمان. فقلتُ في نفسي: هذا على هذه الحال وهو لا يدع شرارته. فقال يوسف وفَطَن: ما قلت لابن النصرانية؟ قلت: عرضت عليه الحاجة. فقال: أحسنت وهو أسير، ولو فطن بِمَا صنعت به للقيت منه شرًا.
وقالوا: أقرّ يوسف زياد بن عبيد الله الحارثي على الكوفة حتى أخذ له عمال خالد، ثم عزله، وولى العباس الهمداني، ثم الحكم بن الصلت، ثم عزله وولى عدة ثم أعاده، ثم ولى يوسف بن محمد بن القاسم الثقفي،

الصفحة 117