كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

الشاعر، وكان فيما يزعمونَ زنديقًا فحمله على شرب الخمر والاستخفاف فاتخذ ندماء، وولاه هشام الموسم سنة عشرة ومائة فرأى الناس منه تَهاونًا واستخفافًا، فأمرَ مولى له يُقالُ له عيسى بن مقسم فصلى بالناس، وبلغ ذلك هشامًا فطمعَ في خلعه، فأراده على أن يخلعها ويبايع لابنه أبي شاكر مسلمة بن هشام فأبى، فتنكر له هشام وأضرّ به وجعل يشتمه ويتنقصه، وتَمادى الوليد في الشرب واللذات فأفرط فقال هشام: ويحك ما أظنك على الإسلام، فكتب إليه الوليد:
يا أيها الباحث عن ديننا ... نحن على دين أبي شاكر
نشربها صرفا وممزوجة ... بالسخن أحيانا وبالفاتر [1]
ويُقال إن هذين البيتين لعبد الصمد بن عبد الأعلى قالهما فكتب بِهما الوليد إلى هشام.
وكان في أبي شاكر بن هشام أيضًا مجون، وكان يكثر الشرب ويدمنه، فغضب هشام على مسلمة وقال: يعيرني الوليد بك، وأنا أرشحك للخلافة؟. فألزمه الأدب وحضور الصلوات والجمعات، وولاهُ في سنة سبع عشرة ومائة الموسم فأظهر النسك ولين الجانب، وقسم بِمكة والمدينة أموالا، فقال مولى لبعض أهل المدينة يعرض بالوليد بن يزيد:
يا أيها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبي شاكر
الواهب الجرد بأرسانها ... ليس بزنديق ولا فاجر
وقال الكميت بن زيد:
__________
[1] شعر الوليد بن يزيد ص 66.

الصفحة 130