كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

أظن الوليد دنا ملكه ... فأمسى إليه قد استجمعا
وإنّا نؤمل في ملكه ... كتأميل ذي الجدب أن يمرعا
عقدنا له محكمات العهود ... طوعًا وكان لها موضعا
فبلغ الشعر هشامًا فأغضبه، وكتب إلى الوليد: إنك اتخذت عبد الصمد خدنًا وأليفًا ومحدثًا ونديمًا، وقد صح عندي أنه على غير الإسلام، فحقق ذلك ما يُقال فيك، ولم أرَ بك من سوء فاحمل إلى عبد الصمد مع رسولي مذمومًا مدحورًا. فلم يَجد بدًّا من إشخاصه إليه وأنشأ يقول:
لقد قرفوا أبا وهب بأمرٍ ... كبيرٍ أو يزيد على الكبير
وأشهد أَنَّهم كذبوا عليه ... شهادة عالِم بِهم خبير [1]
قال: فلما صار عبد الصمد إلى هشام أمر بإنفاذه إلى يوسف بن عمر، ومعه أخ له يُقالُ له عبد الرحمن، فبنى لهما يوسف بيتًا وجعلهما فيه وطيّن بابه وصير فيه كوة يرمي منها إليهما بالطعام، ووكل بِهما محمد بن نباتة بن حنظلة، ثم أعطشهما حتى برصا أو برص أحدهما، وماتا عطشًا.
وقال هشام لعبد الله بن عبد الأعلى أخيهما وقد كلمه فيهما: أأنت على دينهما؟ قال: أنا عليه، والله ما يدينان إلا بالإسلام. فأمر به فأخرج عنه، وقال: لا يساكنني ولا يكلمنه أحد، فأتى الوليد بن يزيد فلم يأذن له عليه.
وكان يجلس في المسجد وقد اجتنبه الناس.
المدائني عن مسلمة بن مُحارب عن رجلٍ من قريش قال: قدمتُ الشام فرأيتُ عبد الله بن عبد الأعلى فتمنيت أن يكون حالي مثل حاله، ثم غبت
__________
[1] شعر الوليد بن يزيد ص 65.

الصفحة 134