كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

ينال المسلمين في كل عام من المكروه عند قطع البعوث وجهاد العدو، وإنماهم معك تجول بِهم في سِفْهك وبطلانك وفُسُوقك، ولأمير المؤمنين إلى التقصير في التغيير عليك أقرب منه إلى الاعتداء، ولقد بصر الله أمير المؤمنين من قطع ما قطعَ عنك وعن أصحابك المجان ما يرجو أن يكون كفارة لما سلف من إدرار ذلك عليكم وبالله الثقة. وأمّا ابن سهيل فهل زاد- لله أبوكَ- على أن كان زفانًا مغنيًا، قد بلغ في السفه غايته، وليس هو في ذلك بشر ممن تستصحبه مع الأمور التي يكرم أمير المؤمنين نفسه عن ذكرها، مِمّا أنت لعمر الله أهل للتوبيخ بها، فأمّا ما ذكرت مِمَّا سبب الله لك فإن الله قد ابتدأ أمير المؤمنين بذلك وأصفاه به، والله بالغ أمره، ولقد أصبح أمير المؤمنين على اليقين من ربه أنه لا يملك لنفسه فيما أعطاهُ الله من كرامته ضرًّا ولا نفعًا، وإن الله وَلَّى ذلك منه، وإنه أرأف بعباده وأرحم من أن يولي أمرهم غير الرضا منهم، وإن أمير المؤمنين لحسن ظنه بربه على أعظم الرجاء أن ييسر له تسبيب ذلك لِمَن هو أهله في الرضا به، فإن بلاء الله عنده أعظم من أن يبلغه ذكره، ويؤدي حقه فيه شكره إلا بعون منه له، ولئن كان قد قدر لأمير المؤمنين تعجيل وفاة إن في الذي هو مُفْضٍ إليه من كرامة ربه إن شاء الله لخلفًا من الدنيا، ولعمر أمير المؤمنين إن كتابك إلى أمير المؤمنين بِما كتبت به لغير مستنكر من سفهك وحمقك وسقوطك، فَارْبَع على نفسك وغلوائها، فإن لله سطوات وغيرًا يصيبُ بها من يشاء، وأمير المؤمنين يسأل الله العصمة والتوفيق لأحب الأمور إليه، وأرضاها له. والسلام» .
فكتب إليه الوليد:

الصفحة 137