كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

فقلن ويلي وعولي ... والويل حَلَّ بِهنَّه
أنا المخنث حقًّا ... إنْ لم أنيكهُنَّه [1]
قالوا: وكتب مروان بن محمد إلى الوليد بن يزيد: بارك الله لأمير المؤمنين فيما صار إليه من ولاية عبادة ووراثة بلاده، وقد كانت سكرة الولاية غشيت هشامًا فَصَغَّر ما عظم الله من حقِّ أمير المؤمنين ورامَ من الأمر المستصعب عليه الذي أجابه إليه المدخلون في آرائِهم وأديانِهم ما حالَ الله بينه وبينه، فزحمته الأقدار عنه بأشد مناكبها، وكان أمير المؤمنين بِمكان من الله حاطه فيه حتى ألبسه أكرم لباس الخلافة فنهضَ مستقلا بِما حمله فالحمدُ لله الذي اختار أمير المؤمنين لِخلافته واختصه بوثائق عرى كرامته وذبّ عنه ما كاده الظالِمون فيه، فرفعه ووضعهم، وأعزه وأذلهم، فمن أقام منهم على الخطيئة أوبق نفسه وأسخط ربه، ومن عدلت به التوبة نازعًا عن الباطل إلى الحق وجد الله توَّابًا رحيمًا، وإني نَهضتُ إلى منبري فأعلمت من قبلي من المسلمين ما امتنَّ الله به عليهم من ولاية أمير المؤمنين فاستبشروا ببيعتهم، وقد بسطتُ يدي للبيعة فوكدتها عليهم بالوثائق والعهود وتغليظ الأيمان فكل الناس حسنت إجابته وطاعته، فَأثِبْهُم يا أمير المؤمنين بطاعتهم من مال الله الذي أتاك فإنك أجود الناس جودًا وأبسطهم يدًا، فقد انتظروكَ راجينَ فَنَلْهُم بفضلك وأوسع عليهم برفدك وعَرِّفْهُم طَولك على من كان قبلك، وإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في القدوم عليه لأشافهه بأمور أكرهُ الكتاب بِها فَعَلَ إن شاء الله.
__________
[1] شعر الوليد ص 128.

الصفحة 147