كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

ولاعب الوليد بن يزيد رياح بن عثمان المرّي فضربه بقضيب كان معه. فقال: أوجعتني يا أمير المؤمنين، وأخذ رياح القضيب منه فضربه ضربة حمّرت فخذه فقال: أوجعتني ويلك يا رياح.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ أبي الزناد عن أبيه قال: كنت عند هشام، وعنده الزهري، فذكر الوليد فتنقّصاهُ وعاباهُ عيبًا شديدًا، ولم أعرض لشيء مما كانا فيه، وجاء الوليد فدخل وأنا أعرف الغضب في وجهه، فجلس قليلا ثم قام، فلما مات هشام أرسلَ إلي فحُملت إليه فرحب بي وقال: كيف كانت حالك، وألطفَ في المسألة وقال: أتذكرُ يا عبد الله بن ذكوان يوم الأحول وعنده الفاسق الزهري وهما يعيباني؟
قلت: أذكر ذاكَ ولم أعرض في شيء منه. قال: صدقت، أرأيت الغلام القائم على رأس هشام؟ قلت: نعم. قال: فإنه رفع إلي ما قالا، وايم الله لو بقي الفاسق الزهري لقتلته. قلت: قد عرفت الغضب في وجهك حين دخلت يومئذ، ثم قال: يا بن ذكوان ذهب الأحول بعمري. قلت:
يطيل الله عمرك يا أمير المؤمنين ويمتع الأمة ببقائك، ودعا بالعشاء فتعشى، وجاءت المغرب فصلينا وحدثنا حتى جاءت العشاء الآخرة فصلينا وجلس ثم قال: اسقني، فجاؤوا بإناء مغطى وجاء ثلاث جوار فصففن بيني وبينه حتى شرب ثم ذهبن فتحدثنا ثم استسقى فصنع الجواري الثلاث مثل ذلك، فلم يزل يتحدث ويستسقي على ذلك، حتى طلع الفجر، فأحصيت له سبعين قدحًا.
أبو الزناد عبد الله بن ذكوان مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، يكنى أبا عبد الرحمن، ومات بالمدينة سنة ثلاثين ومائة.

الصفحة 161