كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

إني لأظنه أشأم سخلة في بني مروان، ولولا ما أخاف من عجلة الوليد مع تحامله علينا لشددته وثاقًا وحملته إليه. فازجره عن أمره فإنه يسمع منك.
وسأل يزيد بن الوليد قطنًا عما جرى بينه وبين العباس فأخبره به فقال: والله لا أكف، ثم لا أكف. وأتى مُعَاوِيَة بْن عَمْرو بْن عتبة بْن أَبِي سفيان الوليد فقال له: إنك تبسط لساني بالأُنس بك وأنا أكفّه بالهيبة لك وأنا أسمعُ من خوض الناس ما لا تسمع، وأخافُ عليك ما لا أراكَ تأمن، أفأتكلم ناصحًا أم أسكت مطيعًا؟ قال: كل مقبول منك، ولله فينا علم غيب نحن إليه صائرون، ولو علم بنو مروان أنّهم إنّما يوفدونَ على رضفٍ [1] يُلقونه في أجوافِهم ما فعلوا ما يفعلون. ونعود فأسمع منك.
وبلغ مروانَ بن محمد وهو بأرمينية أن يزيد يؤلب الناس على الوليد بن يزيد ويدعو إلى خلعه، فكتب إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان وكان متألهًا: «إن الله جعل لأهل كل بيت أركانًا يعتمدونَ عليها، ويتوقَّونَ المخاوفَ بها، وأنت بِحمد الله ركن من أركان أهل بيتك، وقد بلغني أن قومًا من سفهاء أهل بيتك قد أسسوا أمرًا إن تمّت لَهم رؤيتهم فيه على ما أجمعوا عليه استفتحوا بابا لن يُغلق عنهم حتى تسفك دماء كثيرة منهم، ولولا انشغالي بِهذا الفرج العظيم أمره، الشديد شوكة أهله لرمتُ فساد أمرهم بيدي ولساني، وأنت أقربُ إليهم مني فاحتل لعلم أمرهم بإظهار المتابعة لَهم، ثم تهددهم بإظهار أسرارهم، وخذهم بلسانك، وخوّفهم العواقب لعل الله يردّ إليهم ما عزب عنهم من دينهم وعقولهم، فإن فيما
__________
[1] الرضف: الحجارة المحماة يوغر بها اللبن، أو الداهية. القاموس.

الصفحة 170