كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

شرعوا فيه تغيير النعم وذهاب الدولة، فعاجل الأمر رحمك الله وحبل الأمة مشتد، وفي الناس سكون والثغور محفوظة، فإن للجماعة دولة من الفرقة، وللسعة دافعًا من الفقر» .
وذكر كلامًا بعد ذلك، فبعث سعيد بكتاب مروان إلى العباس، فدعا العباس يزيد فعذله وتهدده، فحذره يزيد وقال: يا أخي لم أفعل وهذا من إرجاف أهل الحسد لنا والسرور بزوال نعمتنا، وحلف له على ترك المعارضة فأمسكَ عنه.
وخرج يزيد بن الوليد يومًا على حمار وهو بناحية القريتين فرمى ذئبًا فقتله، فقال له مولى له متفائلا: قتلتَ والله الوليد إن شاء الله.
وأتى بشر بن الوليد أخاهُ العباس بن الوليد فكلمه في خلع الوليد وبيعة يزيد، فنهاهُ العباس، وقال: يا بني مروان إني أظن الله قد أذن في هلاككم، وقال:
إني أعيذكم بالله من فتن ... مثل الجبال تسامى ثم تندفعُ
أرى البرية قد ملّت سياستكم ... فأمسكوا بعمود الدين وارتدعوا
لا تبقرنّ بأيديكم بطونكمُ ... فَثَمَّ لا حسرةٌ تُغْنِي ولا جزع
قالوا: فلمّا اجتمعَ ليزيد بن الوليد أمره وهو متبدٍّ، أقبلَ إلى دمشق ليلا، وقد بايعَ ليزيد أكثر أهلها سرًّا، وبايع له أهل المزة وأكثرهم يقولونَ بقول غيلان أبي مروان الذي قتله هشام.
ولم يُبايع له ابن مصاد وهو سيد أهل المزة، فمضى يزيد من ليلته إلى معاوية ماشيًا في نفرٍ من أصحابه وقد أصابَهم مطرٌ شديد فضربوا الباب وقالوا: يزيد بالباب، ففُتح لهم فدخلوا فقال ليزيد: الفراش أصلحك

الصفحة 171