كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

خالد: يزيد بن قيس بن ثمامة الأودي أبو عافية بن يزيد الأودي القاضي، وكان على شرطة خالد، وكان في خف فلم يقاتله، فقال البهلول: إن صاحبكم هذا الأشجع الخلق وأحمق الخلق.
ومضى البهلول إلى عين التمر ثم أتى لَعْلَعَ [1] فأقامَ بها وهو في مائة وستين من الخوارج، وأقبل إليه عشرة نفر من الكوفة من أهل راية [2] فعرض لَهم قوم فقتلوهم قبل أن يصلوا إليه. وبلغه ذلك فسار إلى القرية التي قتلوا بها فقال لهم: من قتل هؤلاء الرهط فله عشرة آلاف درهم. فادعى قتلهم جماعة فقتلهم، فتنكر له قوم من أصحابه وقالوا: غدرت بالقوم. فقال:
أما كان لي أن أقتلهم وقد قتلوا إخوانكم؟ قالوا: بلى ولكنك كذبتهم.
قال: إنا في دار حرب والحربُ خدعة. قالوا: تُبْ وإلا اعتزلناك. فتاب فقبلوا منه، ورجع فأقام بلعلع. وكان معه رجلٌ يُقالُ له أثال فتذكر أهله وولده فبكى، فقال بهلول:
بكى جزعًا بعبرته أثال ... وليس بحين مكبى للرجال
فلما أهل الديار لنا بأهلٍ ... ولا المالُ المراح لنا بِمال
وقال أيضًا:
من كان يكره أن يلقى منيته ... فالموتُ أشهى على قلبي من العسل
فلا التقدم في الهيجاء يعجبني ... ولا الحذار ينجيني من الأجل
فوجه إليه خالد رجلا من آل حوشب بن يزيد بن رويم الشيباني، فارتحلَ بهلول عن مكانه فسار يصبح بأرض ويُمسي بأخرى يجول بالسواد،
__________
[1] لعلع: منزل بين البصرة والكوفة. معجم البلدان.
[2] راية موضع في بلاد هذيل. معجم البلدان.

الصفحة 20