كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

أن كثارة هو الخارجي، فتوافت الجنود بالموصل وبهلول نازل إلى جانب دير بالكحيل [1] . فجعل عامل الموصل عليهم رجلا يُقالُ له ابن أبي عطاء، فساروا حتى لقوا البهلول، فانهزمَ ابن أبي عطاء وأهل الشام، ولجأ بعضهم إلى الدير فحصرهم البهلول أيامًا. وقدم جند من أهل الشام، أيضًا مددًا، وانضم إليهم الفل فنزلوا بعقوة البهلول، وخرج إليهم من كان في الدير محصورا فتلا البهلول: يا أيها النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [2] وحمل على أهل الشام فقتل منهم رجلا، ثم قال لأصحابه:
يا أخلاء إِنَّما خرجتم غضبًا لله فلا تجزعوا ولا تكبروا القتل في الله، وناهضهم وقال: إن أصبتُ فأميركم دعامة بن عبد الله الشيباني. فعاجلوهم وكثر القتلُ والجراح في الفريقين، ثم ترجل البهلول وأصحابه عند المساء فشدوا عليهم، فجال أهل الشام والبهلول يُقاتل ويقول:
من كان يكرهُ أن يلقى منيته ... فالموتُ أشهى إلى قلبي من العسل
وكمن له أبو الموت الجدلي- جديلة قيس- فمر به فطعنه فأثبته، ويُقال: الذي قتل البهلول عمرو بن ثوبان الحضرمي صاحب خيل الموصل، فقام بالأمر دعامة فانحازوا وتحاجزوا وقد أمسوا والجراح في الطائفتين فاشية، فقالت الخوارج لدعامة: فررت من الزحف وكفرت.
فقال: إِنَّما انحزت ولم أفرّ، فأبوا أن يرضوا به وبايعوا عمرو بن غالب اليشكري
__________
[1] الكحيل: موضع بالجزيرة، وقيل مدينة على دجلة بين الزابين فوق تكريت من الجانب الغربي. معجم البلدان.
[2] سورة الأنفال- الآية: 64.

الصفحة 22