كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

وأصبحوا فعاودهم القتال فقتل وقتل الخوارج غير نفير يسير انحازوا إلى العراق، وقال بعض الشعراء من الخوارج في دعامة:
لبئس أمير القوم معترفًا به ... دعامة في الهيجاء شر الدعائم
وكان الضحاكُ بن قيس- أحد بني مُحلم- جرح يومئذ فنزف وعطش، فرفع له خباء، فأتاهُ فوجد فيه امرأة، فاستسقى فسقته، وسقط فلم يقدر على النهوض، فلما أفاق مما كان به وبرئ أتى أصحابه من القعد فقالوا: فررت من الزحف. ولم يقرّ بالفرار واعتذر فلم يقبلوا عذره فكانوا لا يجالسونه ولا يكلمونه، فقال الضحاك: اللهم إني قد صدقتهم فكذبوني وبذلت نفسي فردّوني، اللهم أنت خير لي منهم. وقال:
لا تطردوني إذا ما جئت زائركم ... أرجو الفلاح وكونوا اليوم إخوانا
بُدّلت بعد أبي بشر وصحبته ... قومًا عليّ مع الأحزاب أعوانا
في أبيات.
ثم إنه أقرّ بالكفر واستتابوهُ فتاب.
قالوا: وكان بهلول لين السيرة لا يُقاتل إلا من قاتله ولا يعرض لأحد ولا يأخذ شيئًا إلا بثمن.

الصفحة 23