كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

بكت المنابرُ من فزارةَ شجوها ... فاليوم من قسر تضج وتَجزع
وملوك خندف أضرعتنا للعدى ... لله دَرّ ملوكنا ما تصنع
فلما حبس خالد قال الفرزدق:
لعمري لئن نابت فزارة نوبة ... لمن حدث الأيام تسجنها قَسْرُ
لقد حبس القسري فِي سجن واسط ... فتى شيظمى الا ينهنه الزجر
فتى لم تُوَرِّكْهُ الإماء ولم يكن ... غداءٌ له لحم الخنازير والخمر [1]
فقال ابن هبيرة: ما رأيتُ أكرمَ من الفرزدق: هجاني أميرًا ومدحني أسيرًا.
وكان الفرزدق هجا ابن هبيرة فقال في أيام يزيد:
أمير المؤمنين وأنت عفّ ... كريم لست بالطبع الحريص
أأطعمتَ العراق ورافديه [2] ... فزاريًّا أَحَدَّ يَدَ القميص
ولم يك قبلها راعي مخاضٍ ... ليأمنه على وركي قلوص
تفهق بالعراق أَبُو المثنى ... وعلَّم قومه أكل الخبيص [3]
وقال فيه بعد هذا الشعر:
يلين لأهل الدين من لين قلبه ... لَهم وغليظٌ قلبه للمنافق [4]
فقال خالد: فأينَ أبو فراس، وطمع في أن يقعَ في يده فيعاقبه فحذره الفرزدق.
__________
[1] ليست في ديوان الفرزدق المطبوع.
[2] بهامش الأصل: رافديه: دجلة والفرات.
[3] ديوان الفرزدق ج 1 ص 389.
[4] ديوان الفرزدق ج 2 ص 41.

الصفحة 33