كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

قالوا: وكتب هشام إلى خالد في عذاب ابن هبيرة والاستقصاء عليه.
وروي عن الصعق بن حَزَن أنه قال: رأيتُ خالدًا لَمّا قدم العراق يُعذب عمر بن هبيرة فأُخرج يومًا من السجن وعليه عباءة فألقي فتكشف فنظرت إليه وقد رفع إصبعه إلى السماء يدعو فعلمتُ أنه سينجو.
وقال أبو عبيدة: حدثني خالد بن جَبَلَة بن عبد الرحمن عن أبيه قال:
كنتُ مع ابن هبيرة في حبس خالد وكان ابن هبيرة قد ضربني قبل ذلك، فقال: يا جبلة، إن الْحَفظة تذهب الحقد وقد أمرتُ موالي أن يحفروا لي، وهم منتهون إليّ الليلة، فهل لك في الخروج؟ قلت: لستُ فاعلا. قال:
فأشر علي. قلت: لا تخرجنّ في دار قوم، قال: لا. وكان أمر مولى له فاستأجرَ دارًا إلى جانب السجن واتخذ فيها ألف نعجة فكانوا يحفرونَ الليل ويتخذونَ التراب في الدار فيصبح الشاء قد وطئته ولبدته بأبوالها فأفضوا بنقبهم إلى جبلة، فقال لهم: لست بصاحبكم فأتوا عمر بن هبيرة فقام حتى دخل النقب فخرج منه.
وكان جبلة أشار عليه أن يقدم كتابًا إلى هشام ويبعث معه رسولا، فوجه بكتابه أبا الفوارس الباهلي الأعرج، فقدم به إلى الرصافة غدوة، وقدم ابن هبيرة عشية.
المدائني قال: سمع ابن هبيرة في طريقه امرأة من قيس تقول:
لا والذي أسألهُ أن ينجي عمر بن هبيرة فقال: يا غلام اعطها ما معكَ وأعلمها أني قد نجوت.
ولما فقد الحرس ابن هبيرة من السجن أخبروا خالدًا، فوجه في أثره سعيد بن عمرو الحرشي، لأن ابن هبيرة عزل سعيدًا عن خراسان، وضربه

الصفحة 34