كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

حين قدم عليه مائة سوط ونفخَ في دبره بكير، وحبسه فكان سعيد بن عمرو إذا ذكره قال: قبح الله ابن هبيرة فإنه أوهى مني بصرًا حديدًا وساعدًا شديدًا، فلم يزل محبوسًا حتى قدم خالد فأكرمهُ فلم يقدر سعيد على ابن هبيرة، فترك خالدًا وتم على وجهه إلى الشام.
وقدم ابن هبيرة فأشارت عليه قيس بأن يستجير بأم حكيم بنت يحيى امرأة هشام، فقال: امرأة؟ قالوا: فاستجر بأبي شاكر مسلمة بن هشام.
قال: صبي، ولكني أستجيرُ بأبي سعيد مسلمة بن عبد الملك، قالوا:
أتستجيرُ به وقد وليت ما كان يليه ولم تبق عليه؟ فقال: هو كريم ولا يسلمني أبدًا، فتوجه إليه ومعه وجوه القيسية، فلمّا رآهُ مسلمة كره مصيره إليه، وانطلقَ إلى هشام فكلمه فيه وقال: هذا رجلٌ خاف تحامل خالد عليه للمُضريَّة، فأمنه هشام على أن يؤدي ما طولب به فأدّاه.
وقال عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: كنا في رصافة هشام ومعنا مسلمة بن عبد الملك وسليمان بن هشام وابن هبيرة، فخرج علينا رسول هشام فقال: إن أمير المؤمنين يعزم عليكم أن تتلقوا أبا الهيثم خالد بن عبد الله، وكان قدم على هشام للسلام عليه، ولمناظرته في أمور، لم تحتملها المكاتبة والرسل، وحمل معه أموالا وألطافًا، فقال ابن هبيرة: وأنا أيضًا؟
قال: ما أراد أميرُ المؤمنين غيرك، فركب الناس لتلقيه، وركب ابن هبيرة بغلته. قال عبد العزيز: فسرنا حتى لقينا خالدًا فسلم علينا وسلمنا عليه، فلم يسلم خالد على ابن هبيرة فتقدم على بغلته، فصاح خالد: إباقًا كإباق العبيد، قال ابن هبيرة: أنومًا كنوم الأمة، ويُقال إنه قال له: أبقْتَ أباق العبد، فقال له: نعم حين نِمت نوم الأمة.

الصفحة 35