كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

قَالَ: فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَلِيٍّ: إِنِّي رَأَيْتُ قَاتِلَ ابْنِ صَفِيَّةَ فَقَالَ: [إِلَى النَّارِ، إِلَى النَّارِ] .
حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لَقِيَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ فَدَعَوَاهُ إِلَى بَيْعَتِهِمَا عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ وَمُخَالَفَةِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: أَنْتُمَا أمر تماني بِبَيْعَتِهِ؟
فَقَالا: أُفٍّ لَكَ إِنَّمَا أَنْتَ فَرِيسَةُ آكِلٍ وَتَابِعُ غَالِبٍ، فَتَرَكَهُمَا وَمَضَى.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بن أبان الواسطي ثَنَا جرير عَن الْحَسَن أَنَّهُ ذكر الزبير فقال: عجبًا للزبير أخذ بحقوي أعرابي من بني مجاشع: أجرني، أجرني، حَتَّى قتل، أما والله لقد كنت فِي ذمة منيعة.
حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنِي أَبُو حَكِيمٍ الْعَدَنِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا اقْتَتَلُوا يَوْمَ الْجَمَلِ فَكَانَتِ الدَّبْرَةُ عَلَى أَصْحَابِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، أَفْضَى عَلِيٌّ إِلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا أَصْحَابُ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا رَآهُ وَاجَهَهُ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَتُقَاتِلُنِي، وَقَدْ عَرَفْتَ مَا أَعْطَيْتَنِي مِنْ بَيْعَتِكَ، وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَانْسَلَّ عَلَى فَرَسِهِ مُنْصَرِفًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا صَارَ بِسَفَوَانَ [1] لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ يُقَالُ لَهُ النعرُ بْنُ زمامٍ فَقَالَ لَهُ:
أَجِرْنِي، فَقَالَ النعرُ: أَنْتَ فِي جِوَارِي يَا حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ الأحنف: وا عجبا لِلزُّبَيْرِ لَفَّ غَارَيْنِ [2] مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَدْ نَجَا بِنَفْسِهِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ جُرْمُوزٍ، فَاتَّبَعَهُ وَأَصْحَابُهُ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ فَأَتَى بِهِ عَلِيًّا، فَبَعَثَ عَلِيٌّ مَنْ دَفَنَهُ مَعَ بَدَنِهِ بِوَادِي السباع.
__________
[1] سفوان ماء على قدر مرحلة من باب المربد بالبصرة. معجم البلدان.
[2] الغار: الجمع الكثير من الناس. القاموس.

الصفحة 431