كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

وَحَدَّثَنِي التوزي عَن أبي عبيدة قَالَ: قدمت ابنة للزبير مكة حاجَّة فخطبها رجل من بني أمية قد كانت أمها وأمه قبل ذلك عِنْد رجل من قريش فأبت وقالت: أأباه لِخصال ثلاث: لأني أكره أن أرجع إلى أرض هاجر منها أبي، ولأني قدمت حاجة عَلَى ظهر بعير ثُمَّ أتزوج، وأن أكون كنَّةً لِمن كانت لأمي ضرَّة.
قالوا: وأسلم مع الزبير حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، ثُمَّ أحد بني خالفة بن أذب بن جزبلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى «بني خالفة» حين وفدوا «بني راشدة» وكانت كنية حاطب أبا مُحَمَّد، وهو حليف الزبير، وقد شهد: يوم بدر، وأحد، والخندق والمشاهد كلها، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسله إلى المقوقس بالإسكندرية.
حَدَّثَنِي محمد بن حاتم بن ميمون المروزي ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ أنبأ حُصَيْنٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالزُّبَيْرَ، وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، فَقَالَ لَنَا:
[ «انْطَلِقُوا حَتَّى تَبْلُغُوا رَوْضَةَ خَاخٍ [1] فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مَعَهَا صَحِيفَةٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأْتُونِي بِهَا،] قَالَ: فَأَدْرَكْنَاهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: أَيْنَ الْكِتَابُ؟ قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَأَنَخْنَا بَعِيرَهَا، وَفَتَحْنَا رَحْلَهَا فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا [2] وَعَلَيْهَا إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ فَأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاطِبٍ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ» ؟ فَقَالَ:
يَا رَسُول اللَّه مَا بِي أَلا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي يد
__________
[1] موضع بين الحرمين، بقرب حمراء الأسد، من المدينة. المغانم المطابة.
[2] الحجزة: معقد الإزار، ومن السراويل موضع التكة. القاموس.

الصفحة 436