كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

قالوا: وحبس بلال بن أبي بردة ثلاثة نفر اتهمهم بالزندقة، فبلغ خبرهم ابن برهمة، وكان من أخص الناس بِخالد بن عبد الله، فاستأذنه في إتيان البصرة فقدمها فأتاهُ الناس ولم يأته بلال وجعل يوهم الناس أنه قدم ناظرًا من قبل خالد فأتاهُ ابن أبي العوجاء وعنده عبد الرحمن بن يزيد بن المهلب، فرفع ابن أبي العوجاء وعبد الرحمن جالس على البساط، فقال ابن صُديقة وكان ماجنًا: عبد الرحمن على البساط وابن أبي العوجاء على الفراش، ثم جاءه فكلمه في الذين حبسهم فخلاهم، فقال يحيى بن نوفل:
زعم الزاعمونَ أن حسين بن عبيد ... بن برهمة زنديق
ولعمري لئن هم زعموه ... ما اشتطّوا وإنّه لخليق
إن من يشرب الخمور ويزني ... في خلاء بِما رُمِي لَحقيق
قال: وكان بلال سكيرًا يعلن بشرب النبيذ.
قال أبو الحسن المدائني: أرسل بلال رسولا إلى قصاب في جواره بالسحر، قال: فدخلتُ عليه وبين يديه كانون، وفي صحن الدار تيس، فقال للقصاب: اذبحه. قال: فذبحه وسلخه وشَرَّحَهُ وأنا بين يديه فأكله إِلَّا عظامه، وبقيت مضغة على الكانون فقال لي: كلها، وجاءت جارية بقدر فيها دجاجتان وناهضان [1] وأرغفة فأكل ما فيها، ثم دعا بشراب فشرب منه أقداحًا ثم أمر لي بقدح فشربته ثم قال: الحق بأهلك.
قالوا: واتخذ بلال حوانيت كانوا يبيعونَ فيها النبيذ فقال بعضهم:
لله در عصابة نادمتهم ... في كل بيت من بيوت بلال
باتوا موتَّرةٌ عليَّ قسيّهم ... يرمونني رشقا بغير قتال
__________
[1] الناهض: فرخ الطائر. القاموس.

الصفحة 55