كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

وقال بعضهم: كتب خالد بن عبد الله إلى أمه حين ولي العراق يدعوها إلى الإسلام ويسألها أن تقرب منه ليكون ذلك أقوى له على برّها، فلمّا قرئ عليها كتابه دعت بداوة وقرطاس وقالت للرسول: اكتب: «قد قرأتُ كتابك، فأمّا دعاؤك إيّاي إلى دينك فقد نصحت لي فيه بجهدك لأنك ارتضيتَ لي ما ارتضيت لنفسك، وديني لي ودينك لك.
وأمّا برّي فلعمري إنك قادرٌ عليه حيثما كنت، واعلم بأني قرأتُ في بعض الكتب أن الرجل إذا أتى كبيرة اسودّ ثلث قلبه، وإذا أتى أخرى اسودّ ثلثا قلبه، فإذا أتى الثالثة اسودّ قلبه كله، فأتى ما أتاهُ من قبيح وهو يراهُ حسنًا، وأكبر من ذلك كله الدماء» .
فلما جاءه كتابها يئس منها، فأرسلَ إليها بِمال اتخذت به بيعة بالشام تدعى بيعة أم خالد.
وحدثني عبد الله بن صالِح عن قوم من أهل الكوفة قالوا: اتخذ خالد طستًا في مسجد الكوفة ميضأة، وحفر لها قناة من الفرات، ثم أخذ بيد أسقف النصارى يمشي به في المسجد حتى وقف على الطست ثم قال للأسف: ادع لنا بالبركة، فو الله لدعاؤك أرجى عندي من دعاء علي بن أبي طالب.
قال: واتخذ كنيسة لأمه في قصر الإمارة، وكانت امتنعت من القدوم عليه فلم يزل بها حتى قدمت الكوفة، وأمر المؤذنين ألا يؤذنوا حتى يضرب النصارى بنواقيسهم.
وقال هشام ابن الكلبي والهيثم بن عدي: لما بنى خالد البيعة بالكوفة لأمه، كتب نصارى البصرة إلى من كلم أمه، فكتبت إليه أن يبني لهم بالبصرة بيعة، فكتب إلى بلال يأمره ببنائها فكتب بلال: إن أهل البصرة لا يقارّوني

الصفحة 63