كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

الأحوص. قال: نعم. قال: فما أقدمك هذه البلاد؟. قال تتابع السنين وقلة الرافدين، قال: فمن أردت بِهذا البلد؟. قال: أميركم هذا الذي ترفعه إمرته، وتضعه أسرته. قال: وما أردت منه إذ كان كذلك؟. قال: كثرة دراهمه لا كَرَمَ آبائه. قال: أفتوصلتَ إليه بشعر؟ قال: نعم. قال:
فأنشدناهُ. فقال: يا أم جحش أنشديه. قالت: هيه كم تسومنا اليوم مدح اللئيم. قال: إنه لا بد منه. فأنشدت:
إليك ابنَ عبد الله للحمد جاوزت ... بنا البيد عيسٌ كالقِسيِّ عَياهِم
عليهنّ بيضٌ من ذؤابة عامرٍ ... حَدَتْهُم سِنُون مُجحفاتٌ مَشَائِمُ
يَزُرْنَ امرأ يعطي على الحمد ما له ... تهونُ عليه للثَّنَاءِ الدراهم
فإن يعطنا شيئًا فهذا ثناؤنا ... وإنْ تكن الأخرى فَمَا لكَ لائم
فقال خالد: ما أعجب أمرك، تقول فيه ما قلت ثم تَمدحه بِهذا الشعر، أفتعرفني؟
قال: لا. قال: أنا خالد وسأعطيك ولا أكافئك. فقال: يا أم جحش اصرفي وجه الأتان راجعةً. قال: إني مُغْنيك. قال: ما كنت لأسمع رجلا مكروها ثم أَرْزَؤُهُ شيئًا. فقال خالد: بِمثل صبر الشيخ أدرك آباؤه من الشرف ما أدركوا.
ويُقال إن خالدًا خرج ومعه بعض ولد المغيرة، وبعض ولد جرير بن عبد الله، فرأى هذا الأعرابي وكان مسنًا فقال لَهُ: ما تقولُ فِي المغيرة بْن شعبة؟
قال: أعور زَنّاء. قال: فما تقولُ في الأشعث؟ قال: لا يعتزى [1] قومه ما بقي
__________
[1] بهامش الأصل: يعزى.

الصفحة 66