كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 9)

أخبرني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِح عَن ابْن كُناسة أن خالد بن عبد الله كان يقول: أيها الناس عليكم بالمعروف فإن فاعل المعروف لا يُعدم جوازيه، فمهما ضعف الناس عن أدائه قدر الله على جزائه.
وقال أيضًا: أيها الناس تنافسوا في المكارم فإنها أعظم المغانم واشتروا الحمد بالجود، ولا تكسبوا بالمطل ذمًّا.
وقال خالد: أيها الناس عليكم بالمعروف فإن المعروف لو كان رجلا لرأيتموهُ حَسَنًا بسنًا [1] ذا بشر ومروءة ولا تملوا النعم فتعود نقمًا.
وقال: أيها الناس لو رأيتم البخل لرأيتموهُ مشوهًا قبيحًا تنفر عنه القلوب وتُغَض دونه الأبصار، ومن لم يطب حرثه لم يَزْكَ نبتهُ.
حدثني محمد بن أنس الأسدي عن ابن كناسة قال: دخلَ الطرماح على خالد فقال: يا أبا نفر أنشدني، فقال: اجلس ثم أنشدك، فقال: لا إلا قائمًا وإلا فلا شيء لك عندنا فخرج وقال:
حرًّا أموتُ ولم يَشِني مطمعٌ ... إني نقيّ بطائن الأطمار [2]
وقال بعض قريش: إن أبا نفر لعظيم المروءة.
المدائني قال: لما أتى ابن الراعي خالدًا فماتَ ابنه وأعطاهُ خالد ديته، قال أبو الجويرية العبدي.
وَبَدْأَهُ مجدٍ لم تكن فاقترحتها ... إلى كل أفقٍ فاحتوتها القصائد
ضمنت ابن راعي الإبل أن حان يومه ... وشقّ له قبرٌ بأرضكَ لأحد
__________
[1] بسن: اتّباع لحسن وأبسن الرجل: حسنت سحنته. القاموس.
[2] ديوان الطرماح- ط. دمشق 1968 ص 240، وفيه «الإضمار» .

الصفحة 91