كتاب التفسير الوسيط لطنطاوي (اسم الجزء: 9)

[سورة طه (20) : الآيات 95 الى 98]
قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (95) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (97) إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (98)
أى: قال موسى- عليه السلام- للسامري: فَما خَطْبُكَ أى: ما شأنك، وما الأمر العظيم الذي جعلك تفعل ما فعلت؟ مصدر خطب يخطب- كقعد يقعد- ومنه قولهم:
هذا خطب يسير أو جلل، وجمعه خطوب. وخصه بعضهم بما له خطر من الأمور، وأصله:
الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب والتشاور، ويخطب الخطيب الناس من أجله.
وقد رد السامري على موسى بقوله: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ أى: علمت ما لم يعلمه القوم، وفطنت لما لم يفطنوا له، ورأيت ما لم يروه.
قال الزجاج: يقال: بصر بالشيء يبصر- ككرم وفرح- إذا علمه، وأبصره إذا نظر إليه.
وقيل: هما بمعنى واحد.
فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها روى أن السامري رأى جبريل- عليه السلام- حين جاء إلى موسى ليذهب به إلى الميقات لأخذ التوراة عن الله- عز وجل- ولم ير جبريل أحد غير السامري من قوم موسى، ورأى الفرس كلما وضعت حافرها على شيء اخضرت، فعلم أن للتراب الذي تضع عليه الفرس حافرها شأنا، فأخذ منه حفنة وألقاها في الحلي المذاب فصار عجلا جسدا له خوار.
والمعنى قال السامري لموسى: علمت ما لم يعلمه غيرى فأخذت حفنة من تراب أثر حافر

الصفحة 144