كتاب السنن الكبرى للبيهقي ط الفكر (اسم الجزء: 9)

اشب القوم واجلدهم وكنت اخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين واطوف (1) فأسلم عليه فاقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام على ام لا ثم اصلى فاسارقه النظر فإذا اقبلت على صلاتي نظر إلى فإذا التفت نحوه اعرض عنى حتى إذا طال على ذلك من جفوة المسلمين تسورت جدار حائط أبى قتادة وهو ابن عمى واحب الناس إلى فسلمت عليه فوالله ما رد على السلام فقلت له يا ابا قتادة أنشدك الله هل تعلمني احب الله ورسوله قال فسكت فعدت له فنشدته فسكت قال فعدت له فناشدته الثالثة فقال الله ورسوله اعلم ففاضت عيناى وتوليت حتى تسورت الجدار قال فبينا انا امشى بسوق المدينة إذا نبطى من انباط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدل على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له حتى إذا جاءني دفع إلى كتابا من ملك غسان وكنت كاتبا فإذا فيه - اما بعد فقد بلغني ان صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسيك فقلت حين قرأتها وهذا ايضا من البلاء فيممت به التنور فسجرته
بها حتى إذا مضت لنا اربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت اطلقها ماذا افعل بها فقال لا بل اعتزلها فلا تقربنها وارسل إلى صاحبي بمثل ذلك فقلت لامرأتي الحقى باهلك فكوني عندهم حتى يقضى الله هذا الامر قال كعب فجاءت امرأة هلال بن امية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله ان هلال بن امية شيخ ضائع ليست له خادم فهل تكره ان اخدمه قال لا ولكن لا يقربنك قالت انه والله ما به حركة إلى شئ وانه ما زال يبكى مذ كان من امره ما كان إلى يومى هذا فقال لى بعض اهلي لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك كما اذن لهلال بن امية تخدمه فقلت والله لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدرينى ما يقول لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان استأذنته فيها وانا رجل شاب فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا فلما صليت الفجر صبح خمسين ليلة وانا على ظهر بيت من بيوتنا فبينا انا جالس على الحال التى ذكر الله منا قد ضاقت على نفسي وضاقت على الارض بما رحبت سمعت صوت صارخ أو في على جبل سلع يا كعب بن مالك أبشر فخررت ساجدا وعرفت انه قد جاء الفرج وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروني وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إلى فرسا وسعى ساع من اسلم فاوفى على الجبل وكان الصوت اسرع إلى من الفرس فلما جاءني الذى سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما اياه ببشراه ووالله ما املك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئونى بالتوبة يقولون ليهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد فقام إلى طلحة بن عبيدالله يهرول حتى صافحني وهنأنى ما قام إلى رجل من المهاجرين غيره ولا انساها لطلحة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك مذ ولدتك امك قلت أمن عندك يارسول الله ام من عند الله قال لا بل من عند الله تبارك وتعالى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بشر ببشارة يبرق وجهه حتى كأنه قطعة قمر ولذلك يعرف (2) ذلك منه فلما جلست بين يديه قلت يارسول الله ان من توبتي ان انخلع من مالى صدقة إلى الله عز وجل والى الرسول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك فقلت فانى امسك سهمي الذى بخيبر فقلت يارسول الله انما نجاني بالصدق وان من توبتي ان لا احدث الا صدقا ما بقيت فوالله ما اعلم احدا من المسلمين ابتلاه الله في صدق الحديث مذ حدثت ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم احسن مما ابتلاني ما تعمدت مذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومى هذا كذبا وانى لارجو أن يحفظني الله فيما بقى
فانزل الله على رسوله (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رؤف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت
__________
(1) زاد في البخاري - في الاسواق لا يكلمني احد وآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم - ح (2) كذا وفي صحيح البخاري - قطعة قمر وكنا نعرف - ح - (*)

الصفحة 35