كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

والكفارات، فالإسلام يَجُبُّ ما قبله ويُكَفِّرُ ما تقدمه من حقوق الله وحقوق المخلوقين بالإجماع.
وكذلك التوبة تُكَفِّرُ الذنوب بالإجماع مع اجتماع شرائطها، وكذلك كفارات الأيمان، وكفارات الظِّهار، وقتل الخطأ، وقتل الصيد في الحرم إجماعاً، واختلف في كفاره من تَرَكَ الجمعة أو أتَى حائضاً، وقتل العمد كما مضى، وغير ذلك.
وكذلك اجتناب الكبائر تُكفِّرُ الصغائر بالإجماع أيضاً، ولا يُعْتَدُّ بخلاف الخوارج في ذلك. وقال تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُم} [التغابن: 17] وأمثالها كثيرٌ في الوعد بالمغفرة على العمل الواحد من الصدقة أو الجهاد أو غير ذلك من الطاعات، فقد قال الله تعالى: {ومَنْ يُطعِ الله} في الوعد كما قال: {ومَنْ يَعْصِ الله} في الوعيد كما مضى قريباً. وقال: {هل جزاء الإحسان إلاَّ الإحسان} [الرحمن: 60]، والإحسان: هو الإخلاص في العمل وإن قَلَّ، كما يأتي بيانه، يُوضِّحُ ذلك أنه تعالى جعل السيئة بسيئة مثلها واحدة في جميع كتبه، وعلى ألسنة رسله، ومثله في جميع الأحوال إلاَّ ما اختلف فيه من سيئات الحرم، ولم يَصِحَّ فيه شيءٌ، وأما الحسنة، فجعلها بعشرٍ إلى سبع مئة ضعف والله يُضاعفُ لمن يشاء، أي: يزيد على السبع مئة لمن يشاء على أحد التفسيرين، وهو الصحيح لقوله تعالى في جزاء الصابرين: إنه بغير حساب [الزمر: 10]، ولما صح (¬1) من حديث: "كل حسنةٍ
¬__________
(¬1) بل لا يصح، فقد رواه الطبراني في " الكبير " (12606)، وفي " الأوسط " (2696)، وابن خزيمة (2791)، والحاكم 1/ 460 - 461، والبيهقي 10/ 78، والدولابي في " الكنى " 2/ 13، والبزار (1120) من طرق عن عيسى بن سوادة، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن زاذان عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من حج ماشياً، كتب له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قال بعضهم: وما حسنات الحرم؟ كل حسنة بمائة ألف حسنة.
وهذا سند ضعيف جداً. عيسى بن سوادة قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في " الجرح والتعديل " 6/ 277: هو منكر الحديث ضعيف روى عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زاذان، =

الصفحة 104