كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

قال: ما اجتمع اثنان من أئمة هذا الشأن على توثيق رجلٍ أو تضعيفه إلاَّ كان كما قالا. قال ابن حجر: والذهبي من أهل الاستقراء التام، فقد اجتمع شعبةُ ووُهَيْبٌ على تضعيفٍ هشامٍ مُطلقاً ..
أما من ضعفه عن الحسن، فكثير، ومع ذلك فحديثه عن الحسن في الصحيح بغير متابع، لكن غير ما أُعِلَّ.
وقد احتج ابن حجر بذلك في مقدمة شرح البخاري (¬1) في ترجمة هشام على ما اختاره في " علوم الحديث " من كون الصحيح ينقسم إلى قسمين، وقد طَوَّلوا في الكلام عليه، خصوصاً في حديثه عن الحسن البصري. وأما روايته عن محمد بن سيرين فهو فيها قويٌّ عندهم، ولكن فيما لم يُخالِفْ فيه، ولذلك ترك البخاري هذه الزيادة من رواية هشام (¬2)، مع أنه من رجاله، وقد أنكر أيوب على هشام شيئاً من حديث محمد بن سيرين، وقد قال هشام: إنه ما كتب عن ابن سيرين شيئاً يعني لحفظه، وهذا هو سبب ما وقَعَ له من الوهم، فإن الحفظ خَوَّان، وقد كان أحمد بن حنبل لا يُحدث إلاَّ من الكتاب، وينهى عن الرواية من الحفظ لمثل هذا.
ولذلك أمر الله تعالى بكتابة الشهادة، وعلَّلَ ذلك بأنه أدنى أن لا يرتابوا، وحديث عمرو بن سعيدٍ، عن عثمان (¬3) أشدُّ ضعفاً لعدم صحة توثيقه من الأصل مع الإعلال البين.
¬__________
(¬1) ص 448.
(¬2) يبدو لي أن المؤلف كان يعتمد في النقل على ذاكرته والذاكرة خوَّانة، وإلا لَمَا وقع له هذا الوهم المبين، فإن هذه المحاولة التي عبأ لها كل ما استطاع لتضعيف هشام بن حسان فيما ينفرد به لا تفيده شيئاً، لأن هذه الزيادة لم ترد من طريقه في صحيح مسلم، وإنما من طريقين آخرين كما تقدم. على أن الإمام أحمد 2/ 359 أخرج هذا الحديث بهذه الزيادة من طريق أبي جعفر، عن عباد بن العوام، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وبهذا يتبين أن هشام بن حسان لم ينفرد بها، فلا وجه لإعلاله من قبل المؤلف رحمه الله.
(¬3) أخرجه مسلم (228)، وابن حبان (1044).

الصفحة 128