كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

فأحسنَ الوضوء خرجت خطاياه من جَسَدِه" وفي رواية: " من توضَّأ نحو وضوئي هذا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته نافلة " رواه البخاري ومسلم.
الحديث السابع عشر: عن أبي هريرة، عنه - صلى الله عليه وسلم - نحوه، وفي لفظه: " حتى يخرج نَقِيّاً من الذنوب ". رواه مالك في " الموطأ "، ومسلمٌ، والترمذي (¬1).
الحديث الثامن عشر: عن عبد الله الصُّنابحي عنه - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك. رواه مالك في " الموطأ " والنسائي (¬2).
الحديث التاسع عشر: عن أبي أُمامة الباهلي مثل ذلك وأبين منه، رواه النسائي (¬3) ويشهد لذلك القرآن الكريم، وذلك قوله تعالى في المائدة [6] بعد ذكر الوضوء والتيمم: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرجٍ ولكن يريد ليُطَهِّرَكُمْ}، فقوله: {ولكن يريد ليطهركم}، يدل على ذلك لأن التطهير بذلك له معنيان لغويٌّ: وهي النظافة، وشرعي: وكثير ما يرد لتطهير الذنوب، كقوله تعالى في الزكاة: {تطهرهم وتُزَكِّيهم بها} [التوبة: 103]. وأما النظافة التي هي الطهارة اللغوية، فيبعُدُ (¬4) إرادتها خصوصاً، والتطهير ورد بعد ذكر التيمم، وليس فيه نظافةٌ، وهو أقل الطهارتين قدراً وأجراً، لأنه لا يُعْدَلُ إليه إلاَّ عند الضرورة، وقد أخبر الله تعالى أنه يريد أن يُطهِّرَنَا به، فدَلَّ على أنها طهارةٌ شرعية، وتردد الأمر بين أن يكون ذلك هو رفع الحدث فقط، أو تكفير الذنوب، أو مجموعهما، فمن يجعل دلالته (¬5) عليهما من قبيل دلالة العام على مفرداته يقول: إن الآية تعُمُّهما (¬6)، ومن يجعله من المشترك، فلهم فيه قولان، منهم من
¬__________
(¬1) مالك 1/ 32، ومسلم (244)، والترمذي (2).
(¬2) مالك 1/ 31، والنسائي 1/ 74 - 75، وأخرجه ابن ماجه (282).
(¬3) أخرجه النسائي 1/ 91 - 92 بإسناد صحيح.
(¬4) في (ف): " فبعيد ".
(¬5) في الأصول: " دلالة "، وكتب فوقها في (ف): دلالته ظ.
(¬6) في الأصول: " تعمها "، وكتب فوقها في (ف): تعمهما ظ.

الصفحة 133