كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من قام رمضان احتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبه " رواه الجماعة (¬1).
كل هذه رُويت عنه - صلى الله عليه وسلم -، هكذا مطلقة (¬2) من غير استثناء، فإذا كانت المغفرة المطلقة قد صحت عن أبي هريرة في ثلاثة عشر حديثاًً فيما يتعلق بالصلاة والوضوء والأذان، بل في ذكر واحدٍ من أذكار الصلاة، وهو التأمين، ولكل واحدٍ من هذه الأحاديث أو الكثير (¬3) منها عدة طرقٍ وما ذكر أحدٌ في ذلك استثناء قط، مع أن الرواة عنه أكثرُ من ثمان مئةٍ من التابعين، والرواة عنهم أضعافُهم من تابعي (¬4) التابعين، فأين يقع هشام بن حسان (¬5) من هؤلاء مع صحة تضعيفه!
وكذلك عثمان قد صحت عنه ستة أحاديث بنحو ذلك مع قلة حديثه، وروى عنه عروة بن الزبير (¬6) ما يدلُّ على عدم الاستثناء، فإنه رواه عنه أنه قال: إني مُحدِّثُكم حديثاًً لَوْلا آيةٌ في كتاب الله ما حدَّثتكموه، ثم روى لهم حديث تكفير الوضوء، والصلوات لما بينها، فمراد عثمان أنه يخاف عليهم من معرفته التجرُّؤ على الكبائر، أما لو استثنى ذلك لما استعظم روايته، وامتنع منها حتى يخاف العقوبة على كتمِها (¬7)، فإن القرآن قد نص على مغفرة الصغائر لمجرد اجتناب الكبائر، كما قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (35) و (37) و (1901) و (2008) و (2009) و (2014)، ومسلم (759)، وأبو داود (1371) و (1372)، والترمذي (808)، والنسائي 4/ 155 - 157، ومالك 1/ 113 - 114.
(¬2) في (د) و (ف): " مطلقاً ".
(¬3) في (ش): " كثير ".
(¬4) في (ش): " تابع ".
(¬5) سبق أن بينا أن هشام بن حسان قد توبع على هذه الزيادة، فلا وجه للطعن فيها.
(¬6) رواه عن حمران، عن عثمان. أخرجه مسلم (227) وقد تقدم.
(¬7) في (ف): " تركها ".

الصفحة 136