كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

مخالفتهم لغُلاة المتكلمين في الشواهد على ذلك، ويُقَوِّي ما وَرَدَ في فضلها حديث " الحمد لله (¬1) تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض " رواه مسلم (¬2)، والله أكبر تملأُ ما بينهما أيضاً ولا إله إلاَّ الله أفضل من ذلك.
ويشهد له: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} الآية [إبراهيم: 24]، ومن النظر أن التسبيح والتحميد يجمعان قسمي المحامد تنزيهاً وتحميداً (¬3)، والتهليل، والتكبير يجمعان قسمي الملك تعظيماً وتوحيداً، والحمد لله والملك يجمعان الأسماء الحسنى، فيكون فضل سبحان الله والحمد لله ثلاث مئة مرة، لأنهما يُقالان فيها ثلاث مئة مرة، وفضل التكبير كذلك، وفضل لا إله إلاَّ الله أكثر من ذلك لما وَرَدَ من تفضيلها (¬4)، صار الجميع ملء ما بين السماء والأرض تسع مئة مرة من غير فضل ما يقرؤه قبلها (¬5)، وفضل الركوع والسجود، فهذا مأخوذٌ من أحاديث صحاحٍ وحسان غير أحاديثهما مع ما ورد في المبالغة في تمثيل مقدار ذنوب الموحِّدِ بقوله: " وإن كانت مثل زَبَدِ البحر " رواه مسلم (¬6)، وحديث: " لو بلغت ذنوبُك عنان السماء " ثم استثنى: " لا يُشْركُ بي شيئاً " (¬7)، وذلك أن " لو" موضوعةٌ لامتناع الشيء لامتناع غيره، فدل على امتناع بلوغ (¬8) ذنوبه ذلك المبلغ برحمة الله مع (¬9) كلمةٍ واحدةٍ من ذكر الله، وهو حديثٌ صحيحٌ خَتَمَ
¬__________
(¬1) في الأصول: " سبحان الله "، والمثبت من مصادر التخريج.
(¬2) رقم (223) من حديث أبي مالك الأشعري، وأخرجه الترمذي (3517)، والنسائي 5/ 5 - 6.
(¬3) في (د) و (ف): " وتمجيداً ".
(¬4) في (د) و (ف): " تفضيلهما ".
(¬5) في (د) و (ف): " يقرأ فيها ".
(¬6) رقم (597) و (2691) من حديث أبي هريرة.
(¬7) تقدم تخريجه من حديث أبي ذر. وأخرجه الترمذي (3540) من حديث أنس، وقال: حديث غريب.
(¬8) زيادة من هامش (ف).
(¬9) في الأصول زيادة: " أن "، والسياق لا يقتضيها.

الصفحة 148