كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

ويُروى (¬1) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " نِعْمَ العبدُ صهيبٌ، لو لم يَخَفِ الله لم يَعْصِه " (¬2) وكثير من أهل الصلاح يعمل على المحبة، ولذلك كان في المرجئة من يَعْظُمُ خوفُه وتقواه، وأما من أَيِسَ وقَنَطَ من الرحمة ورضيَ وعَلِمَ أنه مغضوبٌ عليه غيرُ مقبول منه، فإنه يكون أقرب إلى عدم الداعي إلى الطاعة، فلأجلِ تخويف المسلمين وصلاحهم.
قال الله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} مع إخراج كبائر الكفار وإن كانت المرجئة تزعم أنه تعالى ما قال: {لِمَنْ يَشَاءُ} إلا ليخرج كبائر أهلِ الكفر، وستأتي أدلتُهم، فإنهم أيضاً يقولون: الخوف باقٍ للجهل بالخواتمِ والسوابق، ويذكرون في مثل ذلك قصة بَلْعَم (¬3)، وقصةَ مانعِ
¬__________
(¬1) في (ش): " ورُوي ".
(¬2) قال السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 449: اشتهر في كلام الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية من حديث عمر، وذكر البهاء السبكي أنه لم يظفر به في شيء من الكتب، وكذا قال جمع جم من أهل اللغة، ثم رأيت بخط شيخنا -أي: الحافظ ابن حجر- أنه ظفر به في " مشكل الحديث " لأبي محمد بن قتيبة، لكن لم يذكر له ابن قتيبة إسناداً، وقال: أراد أن صهيباً إنما يطيعُ الله حُبّاً لا لمخافة عقابه. وانظر " كشف الخفاء " 2/ 428 - 429.
(¬3) وهو المشار إليه في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: 175].
أخرجه النسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " 7/ 150، والطبري (15381) و (15382) و (15383) و (15384) و (15385) و (15386) من طرق عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال: رجل من بني إسرائيل يقال له: بَلْعَم بن أَبَر. وهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود. وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 3/ 608 وزاد نسبته إلى الفريابي، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والطبراني، وابن مردويه.
وأخرجه الطبري (15387) عن ابن عباس أنه بلعم بن باعر.
وأخرجه الطبري (15417) بإسناد لا يصح لانقطاعه عن ابن عباس قال: لمَّا نزل موسى =

الصفحة 162