كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

قولين في ذلك، وأن النفاة استصغروه، فالظاهر أنه استبعادٌ، وحديثه عن أبيه في السنن الأربع وعلى تسليم الانقطاع، فإنه أعرف الناس بحديث أبيه، فهو منقطعٌ جيد، وهو حُجَّةٌ عند الخصم وحده، وإنما هو معنا شاهدٌ.
وروى الزمخشري هو في " كشافه " (¬1) في تفسير قولي تعالى: {يُريد أن يتوب عليكم} [النساء: 27] عن ابن عباس أنه قال: في سورة النساء ثماني آياتٍ هي خيرٌ لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس، وعدَّ هذه الآية منها (¬2).
وتقدم أن الطبراني روى عن ابن عمر أنهم كانوا لا يستغفرون لأهل الكبائر حتى نزلت، فرجَوْا لهم ثم استغفروا (¬3)، وهؤلاء عليٌّ، وابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم من أهل الفهم الصحيح، وفهمُهم مقدَّمٌ على كل أديبٍ وفصيحٍ، فلو فَهمُوا ما فَهِمَه الزمخشري ما كانت أحبَّ آيةٍ في القرآن إلى أمير
¬__________
(¬1) 1/ 264.
(¬2) قال الحافظ ابن حجر في " تخريج أحاديث الكشاف " ص 42: أخرجه البيهقي في " الشعب " (7141) في الباب السابع والأربعين من رواية صالح المُرِّي عن قتادة قال ابن عباس ... فذكره، وهو عند الطبري من هذا الوجه، وصالح ضعيف، وقتادة عن ابن عباس منقطع.
(¬3) أخرجه أبو يعلى (5813)، والبزار (3254) من طريق شيبان بن أبي شيبة، عن حرب بن سريج، عن أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نُمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} قال: " إني ادَّخرتُ دعوتي شفاعةً لأهل الكبائر من أمتي " قال: فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا، ثم نطقنا بعدُ ورَجَوْنا. وهذا حديث حسن. وقال البزار: لا نعلم رواه عن أيوب إلاَّ حرب، وهو بصري، لا بأس به. وذكره الهيثمي في " المجمع " في موضعين 7/ 5 و10/ 210 - 211 فقال في الأول: رجاله رجال الصحيح غير حرب بن سريج وهو ثقة، وقال في الآخر: إسناده جيد. وأورده في 10/ 378 من حديث ابن عباس وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه حرب بن سريج وقد وثقه غير واحد وفيه ضعف!
ويشهد له ما رواه الطبراني (13364) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كُنَّا نَبُتُّ على القاتل حتى نزلت: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.

الصفحة 169