كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

قال: يا رسول الله وإن زنى وإن سَرَقَ، ثلاثاً، وقال في الثالثة: " على رغم أنف أبي الدرداء " (¬1). وله طرقٌ أحدُها برجال الصحيح.
وجعل الله تعالى هذه صفة المذنبين من المؤمنين كما قال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون} [آل عمران: 135].
وفي الحديث: " ما أصَرَّ من استغْفَرَ وإن عادَ في اليومِ سبعين مرةً ". رواه أبو داود والترمذي (¬2) من حديث أبي بكر، عنه - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صالح.
وروى الزمخشري في " الكشاف " (¬3): " لا كبيرة مع الاستغفار ".
وقال الله تعالى في صفه الكافرين: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28].
وقال في صفة طائفةٍ من المذنبين المؤمنين: {َآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 102]. وسيأتي الكلام على معنى الإصرار المُجمع عليه، وأنه ليس من صفة المسلمين، ولذلك لم يأتِ الاستغفار منه، ولذلك جاء التكرار في
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه في 8/ 323 و9/ 177.
(¬2) أخرجه أبو داود (1514)، والترمذي (3559)، والمروزي في " مسند أبي بكر " (121) و (122)، وأبو يعلى (137) و (138) و (139)، والطبري في " تفسيره " (7863) من طريق عثمان بن واقد، عن أبي نُصيرة، عن مولى لأبي بكر، عن أبي بكر. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث أبي نُصيرة، وليس إسناده بالقوي. قال ابن كثير في " تفسيره " 2/ 106: وقول علي بن المديني والترمذي: ليس إسناد هذا الحديث بذاك، فالظاهر إنما لأجل جهالة مولى أبي بكر، ولكن جهالة مثله لا تضر، لأنه تابعي كبير، ويكفيه نسبته إلى الصديق، فهو حديث حسن.
(¬3) 1/ 128. وقد تقدم تخريج الحديث.

الصفحة 180