كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

" تفسيره " (¬1) كما قرَّره في أوله، فوافق الحاكم اختياري، وخاتمة الآية تدُلُّ عليه، وهو قوله: {إن ربي قريبٌ مُجيبٌ} في الآية الأولى في هود، وهو الظاهر كما يوضحه في الوجه الذي بعدَه.
الرابع: أن الفرق بينهما هو الظاهر في اللغة، فالاستغفار قولٌ باللسان معناه: طلب المغفرة وسؤالها، كالاسترزاق: طلب الرزق، والاستطعام: طلب الطعام، والاستسقاء: طلب السقيا، فثبت أنه من أعمال الجوارح، والتوبة من أعمال القلوب بالإجماع، فمن جعلَهُما شيئاً واحداً، فعليه الدليل، لأنه خالف الظاهر، لا من فرق بينهما.
الخامس: أنه قد صَحَّ الاستغفار مما تقدَّمَ ومما تأخَّرَ، كما في حديث التشهُّد في " صحيح مسلم " (¬2) من رواية علي عليه السلام: " اللهم اغفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرتُ " الحديث، وكذا في حديث قيام الليل: " اللهم لك الحمد، أنت قَيِّمُ السماوات والأرض ومَنْ فيهن " إلى قوله: فاغفر لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرتُ " رواه البخاري (¬3) من حديث ابن عباس، وكذا في دعاء السجود عنه - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم اغْفِرْ لي ذنبي كُلَّه دِقَّه وجِلَّه أوَّله وآخرَه " خرَّجاه (¬4)، ولا تَصِحُّ التوبة من الذنوب المستقبلة بالإجماع.
السادس: قوله تعالى: {والمستغفرين بالأسحار} [آل عمران: 17]، وما صح من تخصيص قبول الاستغفار في جوف الليل، فإنه لا معنى لتخصيص التوبة بالأسحار، بل هي واجبةٌ على الفَوْرِ، أي: وقت وقع الذنب تَضَيَّقَ وجوب التوبة والبِدار بها، وكذلك وجوب قبولها عند المخالف.
¬__________
(¬1) منه نسخة خطية في الجامع الكبير بصنعاء (تفسير 13). انظر " فهرس مخطوطات المكتبة الغربية " ص 8.
(¬2) رقم (771).
(¬3) رقم (1120) و (6317) و (7385) و (7442) و (7499).
(¬4) في الأصول: " عن عائشة "، وهو سبق قلم، ثم إنه من أفراد مسلم وليس هو في البخاري.

الصفحة 183