كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

النَّجود أحد القراء السبعة، عن ابن عباس أنه قال: هي جزاؤه إن شاء عذَّبه وإن شاء غَفَرَ له (¬1)، ورُوي نحو ذلك عن عون بن عبد الله (¬2)، وعن أبي صالح (¬3)، ومحمد بن سيرين (¬4)، ذكرها الظاهري في " تفسيره "، وتلا محمد بن سيرين {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ولا بد من ذكر الأقوال على التقصِّي في ذلك على حسب ما عرفت.
القول الأول: قول ابن عباس: إنها محكمةٌ، وإنها نزلَتْ بعد آية الفُرقان التي ذُكِرَتْ فيها التوبة، وأنه لا توبة للقاتل (¬5) يعني بحيث يقطع على وجود الطريق إلى النجاة.
أمَّا على جهة الرجاء مع بقاء الخوف الذي هو الوازعُ الشرعي، فقد روى
¬__________
(¬1) ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 2/ 627 ونسبه إلى ابن المنذر. ولا يعرف لعاصم بن أبي النجود رواية عن ابن عباس.
(¬2) ذكره السيوطي في " الدر المنثور " 2/ 628 ونسبه إلى ابن المنذر.
(¬3) أخرجه الطبري (10185)، وابن المنذر فيما ذكره السيوطي 2/ 628. ورجال الطبري ثقات. وتحرف فيه " سيَّار " إلى " يسار ".
(¬4) أخرجه البيهقي في " البعث " (43) وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 2/ 628 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. ولفظه: عن هشام بن حسان قال: كنا عند محمد بن سيرين، فقال له رجل: {ومن يقتل مؤمناً متعمداًً فجزاؤه جهنم خالداً فيها} حتى ختم الآية.
قال: فغضب محمد، وقال: أين أنت من هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} قُم عني، اخرج عني، قال: فأُخرج.
(¬5) أخرجه البخاري (3855) و (4590) و (4762) و (4763) و (4764) و (4765) و (4766)، ومسلم (3023)، وأبو داود (4273) و (4274) و (4275)، والنسائي 7/ 85 و86، والطبراني (12314) و (12501)، والنحاس في " الناسخ والمنسوخ " ص 137 من طرق عن سعيد بن جبير. وأحدُ ألفاظه: قال: قلت لابن عباس: ألمن قَتَلَ مؤمناً متعمداً من توبةٍ؟ قال: لا. قال: فتلوتُ عليه هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ} إلى آخر الآية، قال: هذه آية مكية، نسختها آية مدنية: {ومن يقتل مؤمناً متعمداًً فجزاؤه جهنم خالداً}.

الصفحة 22