كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)
قال: " أتشهدين أني رسولُ الله "؟ قالت: نعم. قال: " أتؤمنين بالبعث بعد الموت " قالت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فأعتقها ". ورواه مالك في " الموطأ " (¬1).
وهذه الرِّواية تدل على استحباب امتحان الكافر عند إسلامه بالإقرار بالبعث، كما هو قول الشافعي (¬2)، وفيه تنبيهٌ على تفسير الامتحان للنساء في قوله: {فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10]، وفي " البخاري " (¬3)، عن عائشة أن امتحان النبي - صلى الله عليه وسلم - لهن كان بالبيعة على ما أمره أن يبايعَهُنَّ عليه في قوله: {فَبَايِعْهُنَّ} الآية، فمن بايعت، فقد امتُحِنَتْ.
وقد امتحنَ الله الخلق في النشأة الأولى بالإقرار بالتوحيد، والإخلاص فيه لا سوى، كما صح ذلك عند أهل السنة، وقد أوضحته في مسألة الأطفال.
وفي " النبلاء " (¬4) في ترجمة أم كلثوم بنت عقبة أنها لما نزلت: {فامْتَحِنوهُنَّ} كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "آلله ما أخرَجَكُنَّ إلاَّ حبُّ الله ورسوله
¬__________
(¬1) 2/ 777، وأخرجه عبد الرزاق (16814)، وعنه أحمد 3/ 451 - 452، وأخرجه البيهقي 10/ 57 من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، وقال: مرسل.
وقال أبو عمر بن عبد البر في " التمهيد " 9/ 114: هذا الحديث، وإن كان ظاهره الانقطاع في رواية مالك، فإنه محمول على الاتصال للقاء عبيد الله جماعة من الصحابة، ورده الزرقاني في " شرح الموطأ " 4/ 85 بقوله: فيه نظر، إذ لو كان كذلك ما وجد مرسل قط!
إذ المرسل: ما رفعه التابعي -وهو من لقي الصحابي-، ومثل هذا لا يخفى على أبي عمر، فلعله أراد لقاء عبيد الله جماعة من الصحابة الذين رووا هذا الحديث.
وأورده الحافظ ابن كثير في " تفسيره " 1/ 547، وقال: هذا إسناد صحيح، وجهالة الصحابي لا تضره.
(¬2) هذا قول الحافظ في " تلخيص الحبير " 3/ 223، وسينبه المصنف على ذلك بعد إيراد الأحاديث.
(¬3) (2713) و (2733) و (4182) و (4891) و (5288) و (7214).
(¬4) 2/ 276 - 277.