كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

وفي حديث الإسراء: " فلمَّا خلصت (¬1) لمستوى (¬2) أسمع فيه صَريفَ الأقلام " (¬3) أي: وصلتُ، والظاهر أن هؤلاء المؤمنين الخالصين هم أهل الجنة الذين قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يدخل أهلُ الجنةَ الجنةَ، وأهل النار النار، ثم يقول: انظروا من وجدتُم في قلبه مثقال حبةٍ من خردلٍ من إيمانٍ، فأخرِجوه ". الحديث. ورواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد أيضاً (¬4).
الوجه الثاني من الأصل: وهو الفرق بين دخول النار ووُرودها، والوقوع فيها، فإن الورود والوقوع فيها يكون في بعض المؤمنين المسوقين إلى الجنة من طريقها التي هي الصراط، والدخول إنما يكون من أبواب النار، ويخصُّ الكفار، وإليها يُساقون حتى يدخلوها، فتُطْبَقُ عليهم للخُلُود، كما يظهر لِمَنْ تأمَّل تفاصيل أحاديث القيامة.
ألا ترى إلى ما رواه البخاري ومسلمٌ من حديث أنس (¬5)، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذاباً: لو كانت لك الدنيا كلها، أكنتَ
¬__________
= من الأرض إلاَّ وطئه (يعني الدجال) وظهر عليه، إلاَّ مكة والمدينة، لا يأتيها من نقب من نقابهما إلاَّ لقيته الملائكة بالسيوف صلتة، حتى ينزل عند الظُّرَيب الأحمر، عند منقطع السبخة، فترجُف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى مناقق ولا منافقة إلاَّ خرج إليه، فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد، ويُدعى ذلك اليوم يومَ الخلاص".
وإسناده ضعيف، وانظر سنن أبي داود (4322).
(¬1) في " البخاري " و" مسلم " وغيرهما: " فلما ظهرت ".
(¬2) في (ف): " بمستوى ".
(¬3) أخرجه البخاري (349)، ومسلم (163)، وابن حبان (7406)، وانظر تمام تخريجه فيه.
(¬4) أخرجه البخاري (22) و (4581) و (4919) و (6560) و (7439)، ومسلم (183) و (184)، وأحمد 3/ 5 و11 و19 و20 و25 و48 و56 و78، والترمذي (2598)، وابن حبان (182) و (222).
(¬5) تقدم تخريجه في الجزء السابع.

الصفحة 303