كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

ويُرجى للمسلم -إن شاء الله- أن يدخل فيما وعد الله المتقين من المغفرة والرحمة، ويكون ذلك له وسيلةٌ إلى (¬1) التَّرقِّي إلى أرفعِ مراتب التَّقوى، حتى يتَّصِفَ بالأتقى الذي يُجَنَّبُ النار، ولا تمسُّه، لقوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل: 17].
وقد أثنى الله على المتقين الذين يظنُّون أنهم ملاقوا ربِّهم، وأنهم إليه راجعون، وقال: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون} [القلم: 34 - 36].
يوضِّحُه أنه (¬2) ربما عبَّر عنهم بعبارتين تدلُّ إحداهما على الأُخرى، كما قال في الجنة مرَّةً: {أُعِدَّت للمتقين} [آل عمران: 133]، ومرة: {أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]، والإيمان متى تعدَّى بالباء إلى أمرٍ معيَّنٍ، لم يجُزْ تفسيره بالأعمال، لكن صاحب التقوى الناقصة لا يأمَنُ مِنْ (¬3) مطلقِ العذاب المنقطعِ حتى يُرحَمَ أو يُشفَعَ له، كما دلت السنة على تفصيلِ ذلك.
ولم تزل السنة تفصِّلُ مجملات (¬4) القرآن وتخصِّصُ عمومه في أركان الإسلام، وأكثر الأحكام، فما خصُّ هذه المسألة بعدم قبول السنة في تفاصيلها (¬5).
وقال الله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 67 - 70].
وأثنى الله على النصارى الذين آمنوا بالكتاب الذي أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -
¬__________
(¬1) في (ف): " في ".
(¬2) في (ش): " أنهم ".
(¬3) " من " ساقطة من (ف).
(¬4) في (ف): " مجمل ".
(¬5) في (ش): " وتفاصيلها ".

الصفحة 318