كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)
سورة " المعارج ". ففي الأولى وصفهم بالخشوع والدوام، وفي الثانية وصفهم بالمُحافَظَةِ فقط.
ومنها أنه قد جاء في غير آيةٍ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [طه: 112] و [الأنبياء: 94].
ومنها أنه قد جاء كثيراً الوعدُ الجازم على أحد هذه الخِصَال مفرداً، كقوله في الصدقة: {إن تُقْرِضُوا الله قرضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لكم ويَغْفِرْ لكم} [التغابن: 17]، وفي الجود: {ومن يُوقَ شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر: 9] و [التغابن: 16]، وفي الجهاد: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] الآية.
وفي الإيمان بالله: {أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]، مع ما تقدم من بيان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصريح الصحيح في حديث " أربعون خصلة، من عَمِلَ بواحدةٍ منها دخل الجنة، أعلاها منيحةُ العنزِ " (¬1)، وحديث الذي دخل الجنة في غُصْنِ شوكٍ أماطه من طريق المسلمين (¬2)، وحديث البَغِيَّةِ التي غُفِرَ لها برحمة كلبٍ عاطشٍ سقتهُ شَرْبَةَ ماءٍ (¬3)، وكلها في الصحيح، وشواهدها متواترةٌ عن أئمة هذا الشأن، وحديث: " فقد غفرتُ لك بخوفِكَ لي " (¬4)، مع موافقته لظواهر آياتٍ كثيرةٍ في
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه ص 371 من هذا الجزء.
(¬2) أخرج مالك 1/ 131، وأحمد 2/ 286 و341 و404 و485 و533، والبخاري (652) و (2472)، ومسلم (1914)، والترمذي (1958)، وأبو داود (5245)، وابن ماجه (3682)، وابن حبان (536) - (540) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: " بينما رجل يمشي بطريق، وجد غُصن شوكٍ على الطريق، فأخذه، فشكر الله له، فغفر له ".
(¬3) أخرج أحمد 2/ 507، والبخاري (3467)، ومسلم (2245)، وابن حبان (586) من حديث أبي هريرة: " إن امرأة بغيّاً رأت كلباً في يومٍ حارٍّ يطيفُ ببئرٍ، قد أدلَعَ لسانه من العطش، فنزعت له، فسقته، فغُفِرَ لها "
(¬4) انظر 1/ 191 ت (4).