كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)
المغفرة للخائفين مثل: {ولمن خاف مقام ربه جنتان] [الرحمن: 46].
وعن أبي الدرداء حديث في تقريرها على ظاهرها على شرط الصحيح (¬1)، وكذلك: {ذلك لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 8] وأمثالها.
وعن عمر: لما نزل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1]، إلى عشرِ آياتٍ، قال - صلى الله عليه وسلم -: " من أقام هذه العشرَ آياتٍ، دخل الجنة " رواه الترمذي والنسائي (¬2).
وستأتي سائر الأدلة على أن الواو في هذه العواطف للمغايَرَة، كما أنها كذلك في آياتِ الوعيد عند الخصوم، قد مضى ذلك فيحرر.
ومن هذا قوله تعالى: {أُعِدَّتْ للمُتَّقين}، ثم بيَّن أنها قسمان، فقال في القسم الأول: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [آل عمران: 134].
وقال في القسم الثاني: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].
وأصرح منها قسمتُهم إلى ثلاثةِ أقسامٍ في قوله تعالى: {ثُمَّ أورَثْنا الكتابَ
¬__________
(¬1) انظر " تفسير الطبري " 27/ 146، و" البغوي " 4/ 273 - 274، و" ابن كثير " 4/ 297، و" الدر المنثور ": 7/ 707، و" مجمع الزوائد " 7/ 118.
(¬2) الترمذي (3173)، والنسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " 8/ 83. ورواه أيضاً أحمد 1/ 34، وعبد بن حميد (15)، والعقيلي في " الضعفاء " 4/ 460، والبغوي (1376)، وصححه الحاكم 1/ 535 و2/ 392، كلهم من طريق عبد الرزاق، وهو في " مصنفه " (6038)، وفيه يونس بن سليم، لم يرو عنه غير عبد الرزاق، ولم يوثقه غير ابن حبان. وقال النسائي: هذا حديث منكر، لا نعرف أحداً رواه غير يونس بن سليم، ويونس لا نعرفه، وقال العقيلي: " لا يتابع على حديثه، ولا يعرفه إلاَّ به.