كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عنده .. إلى قوله: وسألوه عن أشياء: [هل] علينا حرجٌ في كذا وكذا، قال: " عِبَادَ الله وَضَعَ الله الحَرَجَ إلاَّ امرءاً اقترض (¬1) امرءاً مسلماً ظلماً، فذلك حَرِجَ وهلك " قالوا: ما خير ما أُعطِيَ الناسُ قال: " خُلُقٌ حَسَنٌ ".
وخرَّجه الحاكم (¬2) في الطب عن زياد، كلهم أئمة وبالغ في تصحيحه، لكن لفظه: " إلاَّ من اقترف من عرض امرىء مسلم "، وطرقُه في العِرْض كلها، لا في القتل.
وفي " الكشاف " نحو هذه الأحاديث السديدة بغير إسناد، وهذه تشهد لها، والله أعلم.
وفي " الصحيحين " أحاديث نصوص في أن قاتل نفسه من أهلِ النار.
أحدها: عن سهل بن سعد (¬3)، وثانيها: عن جندب (¬4)، وثالثها عن أبي هريرة (3) وهي في الرجل الذي قاتل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مُدَّعٍ للإسلام. وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه من أهل النار، فارتاب بعض الناس، وقالوا: " أيُّنا من أهل الجنة إن كان من أهل النار، فقال رجلٌ من القوم: أنا صاحبه أبداً، فجاء فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل أصابه جِراحٌ شديدةٌ، فَجَزِعَ وقتل نفسه.
ورابعها: عن أبي هريرة أيضاً وتفرد فيه بذكر الخلود، ولم يرد على سبب له، وأوله: " من تَرَدَّى من جبلٍ فَقَتَلَ نفسه، فهو في النار يتردَّى خالداً فيها مُخَلَّداً " (¬5) الحديث. ذكرها ابن الأثير كلها في كتاب القتل من حرف القاف من " جامع الأصول " (¬6).
¬__________
(¬1) أي: قطع، ومعناه: إلاَّ من اغتاب مسلماً أو سبه أو آذاه في نفسه، عبر عنه بالاقتراض لأنه يُسترد منه في العقبى.
(¬2) 4/ 399.
(¬3) تقدم تخريجه في الجزء الخامس.
(¬4) أخرجه البخاري (1364) و (3463)، ومسلم (113).
(¬5) تقدم تخريجه.
(¬6) 10/ 216 - 221.

الصفحة 33