كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)
60]، وقوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أُجِيبُ دَعْوَهَ الداع إذا دعان} [البقرة: 186]، وقال: {وما كان الله مُعَذِّبَهُم وهم يستغفرون} [الأنفال: 33].
ويشهد لذلك قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} [فصلت: 30]. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ما تقولون في قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}؟ قالوا: ثم استقاموا، فلم يلتَفِتُوا. قال: حملتموها على غير [وجه] المحمَلِ، ثم استقاموا، فلم يلتفتوا إلى إله غيره. رواه الحاكم في " التفسير ". وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (¬1).
قلت: وهو الظاهِرُ لغةً، حيث يُحذفُ المفعول، وقد تقدَّم ما يُردُّ إليه، ويدل عليه، أنه يقتصر على تقديره، ولأن التقدير خلاف الأصل، فيجب ألا يقدر ما لا دليل عليه، والقدر الذي ذكره الصديق مجمعٌ على تقديره، والقرينة تسوق الفهم إليه، وتقدير ما زاد عليه تَقُوُّلٌ على الله، ودعوى على (¬2) كتاب الله من غير بُرهانٍ، وتقدمت شواهده في تفسير الإحسان، وتفسير الصِّراط المستقيم، بأنه عبادة الله وحده لا شريك له، لقوله تعالى حكايةً عن عيسى عليه السلام: {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيم} [مريم: 36]، وقوله تعالى في يس: {وأنِ اعْبُدُوني هذا صراطٌ مستقيمٌ} [يس: 61].
وبحديث معاذ المتقدم في حق الله على عباده، وحقِّهم عليه، فتقرَّر أنه لا قاطع على أن المسلم المعتَرِفَ، المستغفرَ، النَّادِمَ، يُسمَّى مصرَّاً في اللغة، والشرع، والعُرف الأول.
وأما الندم، فقد قال جماعةٌ من أئمة العلم: إنه توبةٌ، ومنهم جماعةٌ من
¬__________
(¬1) 2/ 440، ووافقه الذهبي، وأخرجه أيضاً الطبري 24/ 115، وأبو نعيم في " الحلية " 1/ 30، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 7/ 322، وزاد نسبته إلى ابن راهويه، وعبد بن حميد، والحكيم الترمذي، وابن مردويه.
(¬2) " على " ساقطة من (ف).