كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

- صلى الله عليه وسلم - مُستجمِعاً قطُّ، ضاحكاً حتَّى تُرى منه لهواتُه، إنما كان يتبسَّمُ. زاد في رواية. وكان إذا رأى غيماً عُرِفَ في وجهه، فسألته عن ذلك، فقال: " وما يُؤَمِّنُني أن يكون فيه عذابٌ قد عُذِّبَ فيه قومٌ بالرِّيح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: {هذا عارضٌ مُمْطِرُنا} [الأحقاف: 24] ".
وفي رواية: كان إذا رأى مَخِيَلَةً في السماء أقبل وأدبر، وخرج ودخل، وتغيَّر وجهُه، فإذا أمطرت [السماءُ]، سُرِّيَ عنه (¬1).
فهذا وخوفه - صلى الله عليه وسلم - على غيره، بل الظاهر أن خوفه هنا على من عاصره من المشركين من أقاربه من قريش وغيرهم، فإنه عليه السلام كان بهم شفيعاً، ولذلك قال الله تعالى: {فلا تَذْهَبْ نفسُكَ عليهم حَسَراتٍ} [فاطر: 8]، فكيف بمن يخافُ على نفسه؟.
وقد خرج البخاري هذا المعنى عن أنسٍ، وهو:
الحديث السابع والعشرون: قال أنسٌ: كانت الرِّيحُ إذا هبَّت، عُرِفَ ذلك في وجه رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
الحديث الثامن والعشرون: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لو تعلمون ما أعلمُ، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً ". رواه البخاري والترمذي، وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ (¬3)، وقد تقدم نحوه عن أبي ذرٍّ من طريقٍ غريبةٍ.
الحديث التاسع والعشرون: عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من خافَ أدلجَ، ومن أدلجَ، بلغَ المنزلة ألا إنَّ سلعةَ الله غاليةٌ، ألا إنَّ
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (4828) و (4829) و (6092)، ومسلم (899)، وأبو داود (5098)، والترمذي (3257).
(¬2) أخرجه البخاري (1034).
(¬3) رواه البخاري (6485)، والترمذي (2313)، وأحمد 2/ 453، وابن حبان (113) و (358) و (662). وانظر تمام تخريجه فيه.

الصفحة 396