كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

سلعةَ الله الجنة" رواه الترمذي (¬1)، وقال: حديثٌ غريبٌ.
قلت: وما أحسن قول ابن الفارض (¬2) في هذا المعنى:
بذلتُ له رُوحي لراحة قُرْبِهِ ... وغيرُ عجيبٍ بذليَ الغالي بالغالي
وقد تقرَّر في كتاب الله فضلُ الخوف في غير آيةٍ، كقوله تعالى: {ذلك لمن خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 8]، وقولِه: {وَلِمَنْ خَافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ} [الرحمن: 46]، وقوله: {إنَّ الذين يَخْشَونَ رَبَّهُم بالغَيْبِ لَهُمْ مغفرةٌ وأجْرٌ كبيرٌ} [الملك: 12].
ولنختم هذه الأحاديث بحديث الثلاثة المخلَّفين، لِمَا فيه من ترقيق القلوب القاسية، وتخويف النُّفوس الغافلة، ولذلك رواه البخاري في تسعةِ مواضعَ من " صحيحه ".
الحديث الموفي ثلاثين: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه -وكان قائد كعب من بنيه حين عمي- قال: سمعت كعبَ بنَ مالكٍ يحدِّثُ حديثه حين تخلَّف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فقال كعب بن مالكٍ: لم أتخلَّف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاةٍ غزاها إلاَّ غزاةَ تبوك، غير أني قد تخلَّفتُ في غزوة بدرٍ، ولم يعاتِبْ أحداً تخلَّف عنه، إنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون يُريدون عِيرَ قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدُوِّهم على غير ميعادٍ. ولقد شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ العقبِة حين (¬3) تواثقنا على الإسلام،
¬__________
(¬1) برقم (2450). وأخرجه أيضاً البغوي (4173)، والقضاعي (406)، وإسناده ضعيف، ومع ذلك صححه الحاكم 4/ 307 - 308، ووافقه الذهبي!.
قلت: وله شاهد من حديث أبي بن كعب رواه الحاكم 4/ 308، وأبو نعيم في " الحلية " 8/ 377.
(¬2) في " ديوانه " ص 176 من قصيدة مطلعها:
أرى البعد لم يخطر سواكم على بالي ... وإن قرّب الأخطار من جسدي البالي
(¬3) في (ش): " حتى ".

الصفحة 397