كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

الثامن، وإنما قطعوا بعدم خلوده لأدلة سمعية، ونظرية معارضاتٍ لهذا العموم نذكر ما حضر منها:
الدليل الأول: أن الآية تحتمل معنيين احتمالاً واضحاً:
أحدهما: أن الله تعالى أراد الإخبار بما يستحقُّ قاتل المؤمن على سبيل التخويف الصارف عن القتل، والإعلام بأنه من الكبائر، ولم يَرِدِ الإخبارُ المحضُ من كون ذلك عاقبته ومصيره، وقد فَهِمَ هذا من قَدَّمنا ذكره، وهم من أهل اللسان العربي كابن عباس، وصاحبه أبي مجلز لاحق بن حُميد أحد رجال الجماعة وثقات التابعين، ومحمد بن سيرين، وعون بن عبد الله، وأبي صالح.
وقد قال الخليل عليه السلام: {فَمَنْ تَبِعَني فإنَّه مني ومن عَصَاني فإنَّكَ غفورٌ رَحيمٌ}.
وقال عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}.
وثبت في الأحاديث الصحاح عن ابن عباسٍ، وأبي سعيد، وأبي ذرٍّ، وأبي رزين العُقيلي، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عن الله عزَّ وجلَّ إنه يقول: "الحسنة بعشر أمثالها أو أزيد والسيئة بمثلها أو أعفو" كلها في الصحيح إلاَّ حديث أبي رزين العقيلي، ففي مسند أحمد.
وعضدها قوله تعالى في " آل عمران ": {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} [آل عمران: 128]، وقوله تعالى في سورة الأحزاب: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 24] فأطلق الوعد للصادقين، ولم يقيده بشرطٍ أصلاً، وشَرَطَ المشيئة في وعيد المنافقين الذين هم شر الكافرين بشهادة نص القرآن على أنهم في الدرك الأسفل من النار هذا وقد توعَّدَهم في سورة الفتح بالعذاب، وزاد على ذلك قوله تعالى: {وغَضِبَ عليهم ولَعَنَهُم

الصفحة 50