كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

" الكشاف " (¬1) أنه قول عامة العلماء، وعن الحسن البصري: لا تُجزىء الصغيرة، ويُقَوِّي ذلك عموم قوله تعالى: {إنَّ الحسنات يُذهبن السيئات} وحديث أبي ذر مرفوعاً: " واتبع الحسنة السيئة تَمْحُها " رواه الترمذي (¬2) والنووي في " الأربعين " (¬3) ورواه الترمذي عن معاذ أيضاً (¬4)، وليس في رواته إلاَّ ميمون بن أبي شبيب التابعي، قال الذهبي: صدوق، وقال أبو (¬5) حاتم: صالح الحديث روى له الأربعة (¬6).
ويعضُدُه حديث واثلة في كفارة القتل بالعتق كما مضى (¬7) أو يأتي، و [ما] عقبها بها (¬8) إلاَّ لحكمةٍ بالغةٍ، ورحمةٍ واسعة، وبذلك ينقطع قول من قال: إنها نزَلَتْ بعدها، والله أعلم.
على أن الخصوص مُقدمٌ، وإن تأخر كما هو موضَّحٌ في الأصول، وقد مرَّ شيءٌ من بيان ذلك، ويقوي هذا أنه الذي فَهِمَتْهُ الصحابة وفهمُهم حجةٌ كما سيأتي عند ذكر قوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فإنهم فهموا العموم لما عدا الشرك من الكبائر.
وروى الذهبي ما يدلُّ على فهمِهم لذلك في القتل بخصوصه، فإنه روى في ترجمة مسلم بن خالدٍ الزنجي (¬9)، من حديث عن عُبيد الله بن عمر، عن
¬__________
(¬1) 1/ 289 في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ونصه: والمراد برقبة مؤمنة كل رقبة كانت على حكم الإسلام عند عامة العلماء، وعن الحسن لا تجزي إلاَّ رقبة قد صلت وصامت، ولا تجزىء الصغيرة.
(¬2) (1987)، وأحمد 5/ 153 و158 و177، وهو حديث حسن.
(¬3) وهو الحديث الثالث والعشرون.
(¬4) أخرجه الترمذي (1987)، وأحمد 5/ 236.
(¬5) في الأصول: " ابن أبي حاتم "، والصواب ما أثبت.
(¬6) انظر " الكاشف " 3/ 193، و" التهذيب " 10/ 388.
(¬7) تقدم ص 37.
(¬8) في (ش): " به ".
(¬9) " ميزان الاعتدال " 4/ 102، و" الكامل " لابن عدي 6/ 2311.

الصفحة 64