كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

القاتل المسلم يحتمل مثل هذا كما ورد في وعيد تارك الزكاة (¬1)، بدليل عموم أحاديث الشفاعة وخصوص حديث جابرٍ في المهاجرٍ الذي قتل نفسه، فيغفرُ الله له بهجرته. رواه مسلم (¬2).
ويعضُدُه قوله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 100] وحديثُ الذي أوجب النار بالقتل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أعْتِقوا عنه يعتِق الله بكلِّ عضوٍ من النار عضواً منه " كما مرَّ (¬3). رواه أبو داود والنسائي وأحمد من حديث واثلة، واللفظ لأبي داود والنسائي.
ويعضده أحاديث فضل العتق الصحيحة الشهيرة وقوله: {إن الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات} [هود: 114] وما في معناها من كتاب الله، وقد تقدم.
وأما حديث: " لو بَلَغْتِ معهم الكُدَى " فضعيفٌ. رواه أحمد وأبو داود (¬4) من حديث ربيعة بن سيفٍ المعافري المصري، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحن نمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ نظر بامرأةٍ لا تَظُنُّ أنه عَرَفَها (¬5)، فلما توسَّط الطريق وقف حتى انتهت إليه، فقال: " ما أخرجَكِ من بيتك يا فاطمة " قالت: أتيتُ أهل هذا البيت فرَحَّمْتُ إليهم (¬6) ميتهم وعزَّيْتُهم، قال: " لَعَلَّك بلَغْتِ معهم الكدا " (¬7) قالت: معاذ الله أن أكون
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه ص 10.
(¬2) تقدم تخريجه ص 38.
(¬3) تقدم تخريجه ص 37.
(¬4) أخرجه أحمد 2/ 169، وأبو داود (3123)، والنسائي 4/ 27، وابن عبد الحكيم في " فتوح مصر " ص 259، وابن حبان (3177)، والحاكم 1/ 373 - 374، والبيهقي 4/ 60 و77 - 78 من طرق عن ربيعة بن سيف المعافري به.
(¬5) كذا في النسائي، وفي أبي داود: " قال: أظنه عرفها ".
(¬6) في (ش): " لهم ".
(¬7) جمع كُدية، وهي الأرض الصلبة، وسمي به المقابر، لأن مقابرهم كانت في مواضع صلبة من الأرض.

الصفحة 70