كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 9)

" المغازي "، والترمذي، والنسائي في " التفسير " (¬1). فهي في التخويف مثل قوله تعالى: {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 73]، وقوله: {أن تُرَدُّ أيمانٌ بعد أيمانهم} [المائدة: 108].
الوجه الثالث: أنا لو سَلَّمنا دلالة ذلك على أن في ذنوب المسلمين ما يُحْبِطُ العمل لم يستلزم أن الإحباط يستلزم الخلود، وقبح العفو من الله، لأنه لا مانع من أن يَحْبَطَ عمل العبد ويدخل الجنة برحمة الله تعالى فقد دخلها الصبيان بغير عمل، ويخلق الله لفضول الجنة خلقاً لم يعملوا، ولم يُكَلَّفُوا، كما ثبت في البخاري وغيره (¬2).
وقد جاء في الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعائه: " اللهم إني أعوذ بك أن أكسِبَ خطيئةً مُحبطةً أو ذنباً لا يُغْفَرُ " ففرَّق بين الخطيئة المحبطة، وبين الذنب الذي لا يُغفر. رواه أحمد والحاكم من حديث زيد بن ثابت (¬3).
وكذلك بَيَّنَ الله تعالى في قوله: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} [المائدة: 5] أن الخسران في الآخرة أمرٌ غير
¬__________
(¬1) البخاري (4367) و (4845) و (4847) و (7302)، والترمذي (3266)، والنسائي 8/ 226 وفي التفسير من " الكبرى " كما في " التحفة " 4/ 324.
(¬2) أخرجه البخاري (7384)، ومسلم (2848) من حديث أنس، والبخاري (4850)، ومسلم (2646) من حديث أبي هريرة.
(¬3) أخرجه أحمد 5/ 191، والطبراني (4803)، والحاكم 1/ 516 - 517 من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء، عن زيد بن ثابت، وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: أبو بكر ضعيف فأين الصحة.
وأخرجه الطبراني (4932) من طريق عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، عن زيد بن ثابت. وعبد الله كاتب الليث في حفظه شيء، وباقي رجاله ثقات.
وذكره الهيثمي في " المجمع " 10/ 113 وقال: رواه أحمد والطبراني، وأحد إسنادي الطبراني رجاله وُثِّقُوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف.

الصفحة 76